الألباب المغربية/ يونس المنصوري
كرة القدم، التي نشأت كرياضة شعبية تعبيرًا عن التنافس الجسدي والمهارة، قد تحولت في العصر الحالي إلى منصة ضخمة تتجاوز حدود الملاعب، لتصبح جزءًا من النقاشات السياسية والاجتماعية والثقافية العميقة. هذه الرياضة التي كانت يومًا ما ملاذًا للمتعة والتسلية، أصبح يُنظر إليها الآن كوسيلة لتمرير أفكار عقائدية قد تكون بعيدة عن جوهرها. لا تقتصر قضية دعم المثليين على كرة القدم فحسب، بل هي جزء من تحول أوسع في المجتمعات، حيث تُطرح قضايا حقوق الإنسان والمساواة على طاولة النقاش. هنا يظهر التناقض الأساسي بين الرياضة كأداة للتسلية والتواصل البشري وبين تحولها إلى أداة دعائية للأيديولوجيات السياسية والاجتماعية. هذا التحول يعكس التغيرات التي طرأت على المجتمعات في مسعى لتكييف الفضاءات العامة مع التوجهات الجديدة التي تسعى للمساواة والتنوع. ومن منظور فلسفي، يمكن القول إن كرة القدم، من خلال تحولات دورها في المجتمع، تشهد صراعًا بين ما هو تقليدي وما هو مستحدث، بين الحفاظ على هويتها كرياضة تنافسية وبين انغماسها في الأجندات العالمية التي تروج لها المؤسسات الكبرى. ولكن السؤال العميق هنا ليس حول مشروعية دعم المثليين في كرة القدم، بل حول مدى قدرة الرياضة على الحفاظ على جوهرها الرياضي النقي في مواجهة هذه الضغوط الاجتماعية. هل يمكن للرياضة أن تظل خارج نطاق الأيديولوجيات السياسية والاجتماعية ؟ أم أن هذا التداخل أمر حتمي في عالم يزداد تعقيدًا ؟ قد يُعتبر هذا النوع من التحولات ضروريًا لتأكيد رسائل السلام والمساواة، ولكن هل يظل هدف الرياضة هو تنافس اللاعبين على الأرض أم أن الحقل نفسه أصبح ساحة لصراع أكبر؟ في النهاية، قد يكون من الصعب الفصل بين ما هو رياضي وما هو اجتماعي في عصر تتداخل فيه الهويات والقيم والتوجهات، لكننا لا بد أن نعي أن كرة القدم هي مرآة لما يحدث في العالم، وتلك المرآة قد تعكس أحيانًا صورًا لا نرغب في رؤيتها.