الألباب المغربية
أكد الأستاذ محمد يتيم النائب الثاني للأمين العام أن مقاربة حزب العدالة والتنمية للملفات الإقليمية والدولية تندرج ضمن رؤية الدولة المغربية والتي تقوم على الحياد الإيجابي والتمكين للمبادرات السياسية في حل كافة القضايا والمشاكل. والمبادرة الفاعلة التي تتبناها الدولة في حلحلة الملفات الإقليمية والدولية والدفع بها قدما نحو الأمام.
جاء ذلك في حلقة النقاش التي نظمها مكتب الاستشارات الاستراتيجية تحت عنوان: “خارطة الصراعات في المنطقة… قراءة استراتيجية” وأدارها الدكتور أحمد رمضان مسؤول الإعلام في الإئتلاف السوري ورئيس مجموعة العمل الوطني بحضور عدد من الشخصيات السياسية السورية وبعد رؤساء حكومات السابقة وبعض السفراء، وعدد من الأكاديميين والخبراء والباحثين في المجالات السياسية والاستراتيجية، حيث انصب النقاش على الإجابة على عدد من الأسئلة التي تضمنتها أرضية الندوة من قبيل: ما هي خارطة الصراعات في المنطقة بعد تزايد البؤر الساخنة ؟ وما هي تداعيات ما يجري في ليبيا وتونس عن الوضع العام؟ وكيف يمكن للسوريين أن يستفيدوا من تجربة المغرب في الانتقال والتعايش السياسي ؟
وأردف الأستاذ يتيم أن ذلك التعامل تحكمه عدة مبادئ منها :
– الانحياز للقرار المتبلور من رحم المجتمعات وفعالياتها وحساسياتها المختلق، وليس ذلك المملى من الجهات الخارجية مهما صدقت نوايا بعضها.
– الانحياز لمصلحة الشعوب وحقها المشروع في بناء دولة الحق والقانون حيث تسود الحرية والكرامة في ظل الديمقراطية دون تمييز أو إقصاء سواء طائفي أو عرقي أو اجتماعي أو غيره
– الإسهام في بلورة الحلول الممكنة الإشكاليات والتوافق على خطط بديلة غير تلك العسكرية التي تزيد في إراقة دماء الشعوب وتشريدها.
– رفض استخدام القوة العسكرية لقمع الشعوب ومواجهة مطلبها واحتجاجاتها السلمية للمطالبة بالديمقراطية وبحقوقها المشروعة.
– الدفع بمنهجية التوافق لحل كل الإشكالات، وهو التوافق الذي تجد فيه كل الأطراف ذاتها ومصالحها.
– السعي إلى بناء تعاون مع شركاء من المجتمع السياسي والمدني ممن يملكون رصيدا من المصداقية والالتزام بالحل السلمي للقضايا والإشكالات.
وفيما يتعلق بالمنطقة العربية والبؤر الساخنة فيها أكد الأستاذ محمد يتيم أن ذلك التعاطي ينطلق من عدة محددات مبدئية منها رفض التدخل الأجنبي الإقليمي والطائفي أو المشاريع الدولية ذات البعد الجيواستراتيجي، ورفض رهن القرار العربي بدوائر خارجية تقتات من إذكاء الصراعات الطائفية والقومية في هذه البلدان العربية، ودعم القرار الوطني الدول العربية وخاصة تلك التي تعاني أوضاعا غير مستقرة سوريا، اليمن، ليبيا والدفاع عن قضايا الأمة وعن كل ما يساهم في تعزيز قوتها ووحدتها وتقدمها وتعزيز اللحمة بين مكوناتها، مع العمل على الحفاظ على ما تبقى من المنظومة العربية التي تم تخريبها شرقا وغربا إلى درجة أن أصبحت بفعل الواقع في وضع لا تحسد عليه (حوالي 12 دولة عربية تعيش جزئيا أو كليا في أنظمتها).
أما فيما يتعلق بالقضية السورية فذكر الأستاذ محمد يتيم بمواقف المغرب التي تنطلق من نفس المحددات وبالدور الذي قام به ضمن مؤتمرات أصدقاء الشعب السوري ومنها المؤتمر الرابع لأصدقاء الشعب السوري بمراكش والذي كان خطوة إضافية في دعم الثورة السورية ودعم المجتمع الدولي.
وأكد المتدخل أن مؤتمر جنيف واحد تضمن عدة مكتسبات للشعب السوري حيث أقر بضرورة مرحلة انتقالية بما يعني إزالة النظام القائم من خلال تأسيس هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة تتضمن أعضاء من الحكومة السورية ولكن تتضمن المعارضة، مشيرا إلى أن الخلافات بين الفصائل عصف بمكتسبات مؤتمر جنيف مما أدخل مفاوضات جنيف في متاهات تقنية خاصة ما يتعلق بالأمور الدستورية والقانونية في جولاتها الثمانية مما مكن قوى أجنية وطائفية واستغلال خلافات المعارضة لربح مواقع في الميدانية وتقوية وجودها العسكري، وما أدى إليه ذلك من تغيير للمعادلة بعد أن كانت تميل لصالح الفصائل المعارضة، مما يعني أن الخلل أصبح كبيرا وأن لا حل.. أن المشكل داخلي إلا بمصالحة داخلية والتوافق حول مشروع للتغيير وأنه على أساس تلك الوحدة يمكن لأي طرف متعاطف مع الشعل السوري يمكن أن يقدم الدعم السياسي أو غير السياسي للمطالب المشروعة للشعوب العربية (المراحل التي قطعتها سوريا يبين أن الخلل يقع في أمرين: الإقصاء والإقصاء المتبادل.
وأجمع المتدخلون على توجيه الشكر للمغرب ملكا وحكومة وشعبا على مختلف أوجه الدعم للشعب السوري بما ذلك استضافة اللاجئين ودعمهم من خلال المستشفى الميداني الذي أقامته القوات المسلحة الملكية بمخيم تل الزعتر وزيارة جلالة الملك محمد السادس له من أجل الوقوف على سير عمله والخدمات التي يقدمها، ودعوة المغرب بمستوياته الرسمية والشعبية إلى مواصلة دعمه للشعب السوري.
كما نوه المشاركون بالتجربة السياسية المغربية وانفتاحها على جميع المكونات وكان النقاش مناسبة للإجابة على عدة تعقيبات وتساؤلات انصبت حول سر نجاح تجربة التوافق السياسي في المغرب، والاجتهادات التي بلورها الحزب فيما يتعلق بالعمل المشترك والموقف من الديمقراطية والدولة المدنية وعلاقة الدين والسياسة، حيث أكد الأستاذ محمد يتيم أن ما بلوه الحزب في هذا المجال إنما يرجع إلى البنية الثقافية والفكرية والسياسية التي نشأت فيها تجربة الحركة الإسلامية في المغرب، أسهمت في بلورة تجربة انبثقت من الخصوصيات الثقافية والتاريخية للدولة والمجتمع المغربيين في إطار اجتهاد جماعي غابت فيه فكرة الشيخ أو الزعيم، واختياره منذ وقت مبكر للتعددية السياسية والحزبية منذ وقت مبكر، فضلا عن نحث الحزب وقياداته لاجتهادات خاصة متأثرة بالفكر المغاربي ذي الطبيعة المقاصدية وما بلوره من نزعات عقلانية (ابن رشد، ابن خلدون، الطاهر بن عاشور، علال الفاسي، الريسوني، راشد الغنوشي، مالك بن نبي) وتماسه وتفاعله مع الثقافة العقلانية الديكارثية، مما مكنه من بلورة رؤى لم تنسخ بعد المقولات التي سادت لدى بعض الحركات المشرقية رغم استفادته وانفتاحه على عدد منها .
مؤكدا أن الرهان هو تعزيز المسار الإصلاحي المتميز الذي تبلور كإجابة متميزة على الحراك الذي عرفه المغرب حينما اندلع ما سمي بالربيع العربي…