الألباب المغربية/ يونس وانعيمي
ربما علينا معاودة قراءة ما قرأنا من أدب. لأنه رؤية نظرنا بها ذات زمان لحياتنا، لكننا كبرنا وكبر معنا الزمان.
ربما علينا معاودة حكايات وقصص وعبر وشذرات الأدب المتحسرة. لأننا أكيد تغيرنا فتغيرت حاجاتنا منه وارتهلت حوائجنا دواخله، وآن الأوان أن نرد له الجميل.. أن نكتبه نحن اليوم كما كنا نقرؤه الأمس ويكتبنا… هو لا يمانع في أن نغير قصيدته على أن لا نزيف قصديته..
ربما علينا معاودة ما قرأنا من أدب… هو لم يكن أبدا وقفة لحكاية ولا تشوير اتجاه غواية ولا حكما أخلاقيا مطلقا ولا تعاقد مع حساب بنكي يموت بمجرد فراغ أرصدته… هو أدب يكلمنا ولا يعلمنا، يصور لنا الحياة وليس آلة تصوير ويعود بنا لزمن وهو ليس ساعة حائطية..
ربما علينا معاودة ما قرأنا من أدب… أنا أشفقت على نوتردام والأحدب ولي اليقين أن فيكتور هوغو لم يكن يصنع روبورتاجا حول فقراء عاثت بهم الكنائس بطشا فاستيقظوا وثاروا… مزيجه غير المريح للحب مع التيه ما يزال شرابا راهنا. ثم لن انتهي أبدا من الأوديسا ولن ينتهي مني سيزيف وسأظل اتبع ديلامانشا واترنح مع زفزاف وسط عربته ومع شكري في أزقة خوفه وثأره وسأختبئ مع اكونشيش وسط شجرة صنعها خير الدين ليهرب الخونة ويتحولوا مع الشجر لآلهة.
علينا قراءة الأدب وليس الكتب… الكتابة كانت فقط بالنسبة للأدب مشجابا يعلق عليه خيباته ويترك صبابته متخفية بين سطور مكتوبة بمحبرة وحبر سري.
الأدب ليس أدبا إلا وهو مكان نختلس منه نظرة مغايرة تكون ذرة لنبتة الحرية والسعادة.. طبعا بعد التخلص من كل المركبات الناقصة وحرق كل العربات السريعة وتحرير الأحصنة من تعاستها الميتافيزيقية.