أحمد طنيش
ذكرني المهرجان الدولي للسينما المستقلFICIC.، الذي ستقام دورته الثانية بالدارالبيضاء في الفترة الممتدة من 2 إلى 7 يونيو 2023بسؤال تسعيني حينما فتح ملف ومطلب الصحافة المستقلة التي انخرطت في مساره عدة آراء من داخل المطلب ومن خارجه وكثر الجدل وهنا أتذكر مقالا توثيقيا للمرحلة عنوانه: الصحافة المستقلة لماذا، وعن ماذا ؟ من توقيع الصحفي والكاتب والفاعل الثقافي الأستاذ حسن نجمي، هذا المقال الذي وثق بهذا السؤال الإشكالي، إشكالية المرحلة، وبقي السؤال مفتوحا مع توالي مراحل تحرير المجال الإعلام، إلى أن وصلنا إلى مرحلة ما بعد الصحافة مع مرحلة المجلس الوطني للصحافة، الذي يطرح في ظله السؤال الإشكالي من جديد مجلس وطني للصحافة لماذا؟ وعن ماذا؟ وأضيف إليه، وما بعد.
هي السينما كذلك تواكب الراهني وتخوض سيرتها وسيروراتها ومراحل تحولاتها ومحطاتها المختلفة ما بين المطالب القانونية والتنظيمية وصولا إلى مطلب الإبداع والإنتاج والترويج والعرض والفكر والثقافة والتداول السينمائي تم التكوين السينمائي، لينبثق من ظل أسئلتها التوليدية مشروع مهرجان سمي بالسينما المستقلة، والتي نتساءل مع مؤسسها الباحث والناقد والفاعل السينمائي على عدة واجهات الدكتور حمادي كيروم، السينما المستقلة..عن ماذا؟ ولماذا؟..فعلا في إبداعنا وأدبنا ومسرحنا أصبحنا نتكلم عن ما بعد الحداثة، وأهل الدراما أصبحوا يتكلمون عن ما بعد الدراما، وسؤالي شخصيا هل دخلنا فعلا المرحلة لنتساءل عن ما بعدها؟ا
هي إرهاصات أوحى لي بها أستاذي حمادي كيروم في الندوة الصحفية المعلنة عن الدورة الثانية لمهرجان السينما المستقلة والتي انعقدت بفضاء ثقافي تابع لدار أمريكا صبيحة يوم الخميس 18 ماي 2023 هذه الندوة التي كسرت أفق الانتظار إذ لم تطرح فيها الأسئلة الروتينية المعتادة في مثل هذا النوع من الندوات وتحولت بقوة الحضور والفضاء إلى ماستر كلاس عن السينما التي ننتظر أو السينما التي نريد في مرحلة ما بعد السينما أو مرحلة القبض على السينما بمعنى السينما وبفكر السينما وبرؤية السينما.
سينما مستقلة عن مواضيع استنفدت وعن معالجات استهلكت وعن خط مشت فيه طويلا ولم تفكر أن تجرب خطا أو خطوطا أخرى لعل الطريق في نهجها أقرب للوصول إلى كنه السينما؛ لذا يصرح مهرجان السينما المستقلة أنه اختار سينما مختلفة تمثل هذا التصور والبعد من المهرجان الذي يريده منظموه فاعلا وحقيقيا وليس بهرجة وموسم عابر يترك مخلفات بدون أثر، من داخل التصور سيعرض المهرجان أزيد من 40 فيلما من مختلف أنحاء العالم، تم انتقاؤها بعناية فائقة من طرف لجنة متخصصة، وفق السلسلة من المعايير السينمائية الصرفة، ويتضمن برنامج العروض مسابقة للأفلام الروائية الطويلة تتبارى على جوائزها 12 فيلما من إنتاج 16 دولة هي: فرنسا، إسبانيا، ألمانيا، كندا، جورجيا، روسيا، البرتغال، إيران، قطر، السعودية، البحرين، العراق، سوريا، لبنان، فلسطين والمغرب الدولة المنظمة، تتنافس أفلاما لمسابقة الروائية الطويلة على 7 جوائز هي: الجائز الكبرى، المسماة جائزة أنفا الذهبية للفيلم الطويل وجائزة لجنة التحكيم الخاصة وجائزة الإخراج وجائزة السيناريو وجائزتي التشخيص ذكور او إناثا، فضلا عن جائزة السينماتوغرافيا الخاصة بالمهرجان، والتي خصصت لها اللجنة برئاسة المنتج الفرنسي ألان ديبارديو Alain Depardieu بمساعدة السينمائية الألمانية كارينشيل، والمخرج الفرنسي مانويلسانشيز، والكاتبة المغربية غيثة الخياط، والمخرج المغربي لحسن زينون.
كما يضم مهرجان السينما المستقلة، مسابقة للأفلام القصيرة تتبارى على جائزتها الكبرى، أنفا الذهبية وجائزة السينماتوغرافيا 16 فيلما قصيرا، بالإضافة إلى فرجات لعروض سينمائية مختارة للأفلام الوثائقية الطويلة تتضمن 12 فيلما، وتقودلجنةتحكيمهاالمخرجةالمغربيةخولةأسباببنعمر،بمساعدةالناقدةجوديثسيرس،والفنانةسناءأسيف.
المهرجان الدول للسينما المستقلة يريد أن يكون مهرجانا مستقلا يبحث عن الاستقلالية الفكرية للمدينة نحو سينما شاعرية عبارة عن مرآة نراها وترينا ونريها، وفق ما صرح به كودار: “نحن في حاجة إلى نظرة أخرى” لكون السينما فن التبادل بامتياز، نريد سينما مستقلة عن المعتاد والمستهلك وضد “الميديا” وفق طبيعة السينما، سينما مستقلة تراهن على التفاعل والاحتفاء بالحدث حضورا وفرجة وتداولا وحسا ولمسا وتوظيفا لكل الحواس وحتى للحس النقدي، بحضور المجال التداولي والتكويني؛ إذ ستشهد الدورة الثانية من المهرجان، ندوة محورية حول “التجربة المزدوجة للأخوين الدرقاوي”.وماستركلاس مع المنتج ألان ديبارديو Alain Depardieu وآخر مع المخرج مانويلسانشيز، وتنظيم مختبر تكويني، لمساعدة المخرجين الشباب في صناعة فيلمهم من الفكرة إلى العرض، بشراكة مع “صحرلاب” تحت إشراف المخرج المغربي حكيم بلعباس.
بهذا التصور والرؤية والبرمجة النوعية في الشكل والمضمون يحتفي المهرجان الدولي للسينما المستقلة بالمدينة الأنتربول المدينة الإسمنتية الدار البيضاء والتي لها روحها الخاصة والتي نعتت بالعاصمة الاقتصادية وأهملت جوانبها الفكرية والروحية والفنية والثقافية سيما وقد شكلت وجدان جيل بأكمله بمساهمات تاريخية مشهودة لمؤسسات مغربية وأجنبية كسرت الحدود وكانت المتنفس الذي يمثل الذات الإبداعية مثل تجربة المركز الفرنسي والأمريكي وباقي المراكز الثقافية التي كانت إطلالة أخرى للمثاقفة، وإلى جانبها مساهمات فاعلة لمؤسسات الشأن العام والمحلي نموذج مقاطعة المعاريف الحضن الذي يستقبل الأفكار الجدية وما يخدم المدينة من ناحية جانبها الوجداني والروحي والفني على وجه الخصوص، وهنا أتذكر مبادرات كُيرومية (نسبة إلى حمادي كيروم)، السينما والتربية والسينما وحقوق الإنسان والسينما والرواية، ونذكر من الحضور الفاعل داود ولاد السيد بفيلمه “الكيت كات”، والمخرج صلاح أبو سيف، الذي نشط ورشات تكوينية غطت الخصاص التكويني في ذاك الإبان وآخرون كثر وزيادة، كل هذه الفعاليات والمناسبات السينمائية الكبرى نظمت بدعم مادي ولوجستيكي من طرف مقاطعة المعاريف في التسعينيات من القرن الماضي، وما زالت هذه المقاطعة تواصل رسالتها نحو مدينة تحتفي بالصورة والإبداع وأهله وزواره من المعمور.