الألباب المغربية
نظم منتدى الصحافيات والصحافيين الشرفيين بالمغرب، يوم الأربعاء الماضي، بدار المحامي بالدار البيضاء مائدة مستديرة، بمشاركة الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي إدريس قصوري، والأستاذ الجامعي والإعلامي محمد حفيظ، والإعلامي محمد العوني، مؤسس منظمة حاتم، وكذا الزميل نور اليقين بنسليمان، عضو المكتب الوطني للمنتدى.
وتناولت عروض المتدخلين تأهيل الإعلام الوطني المغربي وإعادة هيكلة منظومة القوانين المؤطرة له، في سياق منظومة متكاملة تشمل مجال الإعلام والتواصل، بما يضمن، من جهة، إنصاف وكرامة فئة الصحافيين الشرفيين وإعادة الاعتبار لمؤهلاتهم وخبراتهم، سواء على مستوى تجويد المهنة، وتطوير مهاراتها بالممارسة الميدانية، أو من جانب الفعل المؤطر لمهام المجلس الوطني للصحافة، لاسيما وأن هذه الفئة من الصحافيين المتقاعدين راكمت من التجربة ما يعزز التدبير الذاتي لمهن الصحافة والإعلام والترافع، صيانة لقواعدها وأخلاقياتها.
وشدد المتدخلون في هذا اللقاء، الذي أدار أشغاله الإعلامي الزميل أحمد أكليكم، عضو المكتب الوطني للمنتدى، على أن ضمان الكرامة والإنصاف وإعادة الاعتبار لقيدومي الصحافيين ينطبق بشكل أساسي وأوتوماتيكي على الصحافيات والصحافيين المهنيين الذين ما زالوا يمارسون مهامهم الجسام، لكي لا يصبحوا غدا ضحية أوضاع مُجحفة لا تضمن لهم أبسط مقومات العيش، وتجعلهم في وضعية هشاشة وفقر.
ووقف المشاركون على ما يشهده مجال الصحافة والإعلام من تطورات قوية لاسيما وأننا نعيش مرحلة ما بعد مجتمع المعرفة والمعلومات وطفرة التواصل الرقمي، وهو معطى أفرز إشكالات متشابكة تتطلب تدخل خبرات أكاديمية وكفاءات مهنية ومهارات لرفع تحديات المجازفة برسالة الإعلام عموماً، علاوة على هول ضيق هامش حرية الصحافة والتعبير.
واستحضر المتدخلون مكانة قيدومي الصحافيين/ الشرفيين التي منحتها منظومة القوانين الحالية رمزية وصفة الشرفي التي تبقى غير مُفعلة، في وقت يتعين فيه تثمين كفاءاتهم كمهنيين فاعلين ومتعهدي وسائل إعلام بأنواعها، حالا ومستقبلا، موضحين أن المنتدى، في حد ذاته، مبادرة متفردة تتيح لفئة القيدومين الشرفيين المتزايدة عدديا توليد مبادرات القوة الاقتراحية وطنيا وتفعيلها بصيغة جديدة تفتح آفاقا مغايرة واعدة تواكب التطورات التقنية والقانونية والمهاراتية، لاسيما وأن راهن إعادة هيكلة وتعديل قوانين الصحافة والنشر يستدعي صياغة قوانين تحفظ للمجلس الوطني للصحافة مهام التدبير الذاتي للمهنيين والمهنة وقواعدها وأخلاقياتها، وهنا لا مناص من الولوج الفعلي المؤطر للصحافي القيدوم/ الشرفي إلى هذا المجلس، حفاظا وترافعا وتجويدا لوظائف ومضامين رسالة الإعلام عموماً، فضلا عن ضمان توازنات رهانات الأسلوب المتنامي للمقاولة المستثمرة والتحملات المختلفة، وبرغماتية تصريف الدعم وغيرها من المتغيرات.
وتم التأكيد في هذا المضمار على تقوية وتوسيع وتعزيز قاعدة المتقاعدين وتوحيدهم داخل إطارهم المنتدى، الذي قد يشكل، لاحقا، نموذجا ومرجعا داخل وخارج المغرب، بحكم تفرد هذه التجربة.
وأكد المشاركون خلال هذه المائدة المستديرة المنظمة تحت شعار: “مسألة تأهيل الإعلام المغربي: في الحاجة لقوانين ترسخ الإنصاف والكرامة للصحافيين المهنيين المتقاعدين”، أن قطاع الإعلام والاتصال يعيش “فوضى مفتعلة” واختلالات كثيرة… مشددين على أن الحاجة إلى إصلاح قوانين الصحافة والنشر أضحت مسألة ملحة، في إطار تشاركي واقتراحات عملية بناء على تقييم موضوعي للقوانين الجاري، خصوصا وأنه تم اكتشاف نواقص هذه القوانين في دراسات منذ الشروع في تنزيلها.
وفي هذا السياق، أكد المشاركون على أن قانون الصحافة والنشر منح للصحفي الشرفي المهني، المحال إداريا على التقاعد، مكانة ضمن المشهد الإعلامي غير أنها تظل هامشية، بل إن بطاقة الصحفي الشرفي لم تضف شيئا، والتي هي امتياز يجب أن تُعطى للصحفيين الشرفيين بشكل أوتوماتيكي وليس بناء على طلبهم… داعين إلى ضرورة تفعيل هذه المكانة الاعتبارية للصحافيين الشرفيين عبر حق الأسبقية في الدعم، ورفع كفاية الاستحقاقات التقاعدية التي هي هزيلة، والاستفادة من معاشات اجتماعية إلى جانب التقاعد، والحصول على التمويل على غرار تمويل الدولة لمقاولات الشباب، والاستفادة من صندوق تضامن الشيخوخة أو صندوق اجتماعي، ما دمنا نتحدث في المغرب عن الدولة الاجتماعية، إضافة إلى الاستفادة من خبرات وتجارب هذه الفئة من الإعلاميين المهنيين واستثمارها في عدة ميادين، كمحطات الاستحقاقات الانتخابية، والإحصاء العام، وإعداد التقارير، وكذا استحضار المنتدى في الحوار الاجتماعي.
وأبرز المتدخلون أن إصلاح قطاع الإعلام والتواصل هي قضية مجتمعية، ويجب أن تكون القوانين في إطار مدونة متكاملة وعادلة لفائدة الإعلام بكل مكوناته والمجتمع بكل فئاته، ما يستدعي تضافر جهود الجميع لتجاوز الاختلالات والتجاوزات التي يعرفها قطاع الإعلام بالمغرب.
من جهة أخرى، فإن المطلوب هو قراءة مشتركة لإنتاج بدائل ومقترحات بغية تأهيل القطاع، وخلق مكانة جديدة للصحفي المهني الشرفي، وهي المكانة التي ستنعكس على الصحفي الممارس، لأنه معني بمحطة التقاعد في الغد القريب، كما أكدت على ذلك أرضية “منتدى الصحفيات والصحافيين الشرفيين بالمغرب” التي وزعت في الأسبوع الماضي والمنشورة على صفحة المنتدى بالفايسبوك.
وقدم المشاركون في هذه المائدة المستديرة جملة من المقترحات العملية رامية إلى ضرورة التنصيص في قوانين الصحافة والنشر على مسألة معالجة أوضاع الصحافيين الشرفيين المتقاعدين، بناء على ما راكموه من خبرة وتجربة، وتقديرا لما أسدوه من تضحيات تستحق الإنصاف والوفاء. وسنعمل لاحقا على تقديم هذه الاقتراحات في شكل مذكرة للمنتدى سترفع للجهات المعنية بتعديل قوانين الصحافة والنشر وتأهيل المشهد الإعلامي في بلادنا.