الألباب المغربية/ مروة محمد(*)
في مواجهة الوضع في جزيرة “لامبيدوزا” الإيطالية التي كانت محط الأضواء منذ أسابيع بسبب اكتظاظها بالمهاجرين، بعثت بعض الدول الأوروبية برسالة واضحة لروما مفادها: مستعدون لمساعدة إيطاليا، ولكن ليس على أراضينا الوطنية.
كان آلاف المهاجرين غير الشرعيين، توافدوا إلى الجزيرة الإيطالية القريبة من السواحل التونسية ليتجاوز عددهم السكان المحليين البالغ عددهم نحو 7 آلاف. ونظرا لضيق مساحة مركز الاستقبال الذي يديره الصليب الأحمر الإيطالي اضطر مئات المهاجرين، إلى قضاء ليلتهم في العراء بشوارع الجزيرة التي تقع بين تونس ومالطا وجزيرة صقلية الإيطالية.
لكن الرسالة الأوروبية من عدة دول كانت واضحة فالباب مفتوح للتعاون، والأولوية لجميع الحلول التي تسمح بوقف عمليات المغادرة، وحماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، ولكن مع رفض واضح لاستقبال المهاجرين من الجزيرة الإيطالية. الرسالة ببساطة: لا لإعادة توزيع المهاجرين.
هذا السيناريو يتماشى تمامًا مع الصعوبات التي لا تزال تواجه التوصل إلى اتفاق كامل بشأن ميثاق الهجرة اللجوء. وفي خطة الاتحاد الأوروبي بشأن “لامبيدوزا”، تعد نقطة الاستقبال هي الأولى من النقاط العشر التي وضعتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
وفي اليوم الذي أطلقت فيه الحكومة الإيطالية المزيد من التدابير فيما يتعلق بإدارة تدفقات الهجرة، مع إنشاء مراكز احتجاز جديدة للعودة إلى الوطن وتعديل فترة الاحتجاز لأولئك الذين يدخلون إيطاليا بشكل غير قانوني، والتي تم رفعها إلى 18 شهرًا، وصل وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين إلى روما مؤخراً للقاء نظيره الإيطالي ماتيو بيانتيدوسي. لكن اللقاء كان مخيباً للآمال حيث كان مضمون النهج الفرنسي في التعامل مع الملف أن فرنسا لن تستقبل أي مهاجرين من لامبيدوزا.
فرنسا في الوقت نفسه زادت من الضوابط على الحدود مع إيطاليا، وبدأت العمل في بناء مركز لتحديد هوية المهاجرين على الحدود مع إيطاليا، كما حشدت قوات مكافحة الإرهاب على الحدود.
لكن فرنسا لم تكن الوحيدة التي رفضت استقبال القادمين من الجزيرة الإيطالية. النمسا قالت لا لفكرة الترحيب بالمهاجرين من إيطاليا حيث شددت الرقابة على الحدود. ورأت روما أن قرار فيينا بتعزيز الضوابط على المركبات القادمة من إيطاليا يعد صفعة في وجه التضامن الأوروبي وإهانة خطيرة للشرطة والمتطوعين الإيطاليين الملتزمين بالدفاع عن الحدود الأوروبية لسنوات.
بولندا أيضاً انضمت لطابور الرافضين، وعارضت أي اقتراح لإعادة توزيع المهاجرين، معتبرة أن البيروقراطيين الأوروبيين لا يهتمون بسلامة مواطني القارة، وبالتالي سلامة العائلات البولندية والنساء والأطفال.
خلاصة القول، ترى روما أن إعادة توزيع المهاجرين ليس كافياً، بل الأهم إيقاف الوافدين إلى إيطاليا، كما تنتظر اجتماع المجلس الأوروبي خلال أيام لتطلب من الدول الأعضاء اتخاذ القرارات اللازمة خاصة فيما يتعلق بمنع المغادرة غير الشرعية من شمال إفريقيا.
(*) صحفية متخصصة في الشأن الليبي بجريدة الشروق المصرية، ووسائل إعلام إيطالية.