الألباب المغربية
في عالم من المفترض أن يكون فيه الرأي حُرًّا، وحرية التعبير مقدّسة، نجد أنفسنا نواجه قصة فاطمة الإفريقي، الصحفية المغربية التي تحولت من شخصية معروفة بمصداقيتها إلى هدف دائم لحملات التشويه. وُلدت هذه السيدة الطموحة في الرباط، وسرعان ما اجتازت جدران الإعلام التقليدي لتصبح واحدة من أبرز الأسماء في المجال.
بدلاً من أن تحتفل بإنجازاتها، وجدت نفسها في خضم عاصفة من الانتقادات السلبية التي لا تحترم إلا المظاهر، وتستخدم الأكاذيب كدرع ضد النقد البناء. تذكّر جيدًا أن كل انتقاد يدور في فلك صفحات السوشيال ميديا لا يُعتبر إلا نوعًا من “النضال”، حيث يُقدَّم السب والتعنيف كعلامة على البطولة. وفي خضم هذه الفوضى، تُركت فاطمة وحيدة في انتظار العدالة التي طالما نادت بها.
ما يحدث هو أكثر من مجرد نقاش حاد حول الآراء؛ إنه محاولة منهجية لتقويض الصحافة كمنبر للتفكير. فالافتراء ليس رأيًا، والتشويه ليس وجهة نظر. فعندما يستهدف الأفراد بسبب أفكارهم، فإن السقوط الأخلاقي يصبح هو المعايير، والنيل من الكرامة الشخصية هو مجرد أمر عابر.
المؤسف أن حملات التنكيل تلك تعكس ثقافة تفشي فيها الكذب والتضليل، ويبدو أن هناك من ينطلق لمناصرة الأفكار بطريقة بلطجية لا تمت بصلة للذكاء أو الأخلاق. ومحاولات سوزان وأمثالها لتشويه سمعة فاطمة ليس سوى تعبير عن عجزهم عن مسايرة النقاش الموضوعي ومناقشة الأفكار.
إن فاطمة الإفريقي ليست “القضية” في حد ذاتها، بل القضية أكبر وأعمق: إنها الشفافية وأخلاقيات النقاش العام. يجب أن نتساءل، أي نوع من المجتمع نود أن نبنيه؟ المجتمع الذي يقدس الحرية ويحتفي بها، أم الذي يعاني من استبداد رأي جيوش الحسابات المزيفة ؟
في النهاية، الوقوف إلى جانب فاطمة ليس دعمًا لشخصها، بل هو تأكيد على الحق في التفكير الحر والنقد البناء. وهكذا، تظل المعركة من أجل حرية التعبير قائمة، في زمن يختار فيه الكثيرون التضحية بالأخلاق تحت وطأة ضغوط الرأي العام الرقمي. لنكن صرحاء، فالسياق الحالي يقتضي منا أن نرفض سطوة الافتراء، وأن ننصر كل صوت يجرؤ على الاختلاف.