الألباب المغربية
أبرزت ندوة علمية نظمت بمولاي بوعزة، من طرف المجلس العلمي المحلي لخنيفرة ، في إطار فعاليات الموسم الديني السنوي للشيخ أبي يعزى يلنور، دور الصوفية في تعزيز الأمن الروحي، وتثبيت الانتماء الوطني في نفوس الأجيال، وإحياء قيم الخير والجمال بين الناس ، وتثبيت تلكم الأخلاق الرفيعة .
وسلط عدد من الباحثين الأكاديميين، خلال هذه الندوة، التي حضرها على الخصوص محمد فطاح عامل إقليم خنيفرة والكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى وعدد من رؤساء المجالس العلمية المحلية، ومنتخبون ورؤساء المصالح الأمنية والخارجية، فضلًا عن أساتذة وباحثين غي مجال التصوف، الضوء على أهمية التصوف المغربي، باعتباره مكونا أصيلا وثابتا أثيلا، من الثوابت التي انبنت عليها الهوية الدينية المغربية.
وأكد المشاركون في هذه الندوة، على الدور المركزي لمؤسسة إمارة المؤمنين، ودورها البارز وأثرها البالغ، في استقرار المملكة وتعزيز قيم الإسلام المعتدل والوسطي، وعلى أهمية الأمن الروحي في المغرب، والذي جعل منه نموذجا يحتدى، ونبراسا يقتدى في تجربته الدينية وخصوصيته الإسلامية.
ومما اشتهرت به التجربة الصوفية المغربية، إخلاص أبنائها في تبنيها واعتقادها، وتنافس رجالاتها في خدمتها وتجديدها، الشيء الذي أورثها البقاء والاستمرار، وضمن لها الخلود والدوام، وجعل منها شجرة وارفة الظلال متجددة العطاء، أصلها ثابت وفرعها في السماء توتي أكلها كل حين بإذن ربها.
وتمحورت المناقشات حول مناقب أبي يعزى ودوره في نشر القيم الروحية والجمالية، والدفاع عن البيئة في زمن مبكر ارتكازا على المبادئ الدينية والأخلاقية الأصيلة، والفطرية في التربية والوجدان الإنساني، وأثر هذا العالم في تشكل تيار صوفي جديد، مطبوع بالخصوصيات الاجتماعية والثقافية المحلية.
ويعد الولي الصالح الشيخ أبو يعزى يلنور، بمنطقة مولاي بوعزة بإقليم خنيفرة واحدا من هؤلاء الأوفياء المخلصين، ورمزا من رموز الصوفية المصلحين، الذين أجرى الله على أيديهم الخير لعباده، وأنار بفضلهم طريق من سبقت لهم العناية من أصفيائه، بما خلفه من أثار عظيمة، وما بذله من جهود كبيرة، في تثبيت القيم الدينية السمحة في حياة الناس، وإيقاظ جذوة الإيمان في قلوبهم، وإحياء عزة الإسلام في نفوسهم.
ولعل الأدوار الاجتماعية الكبيرة، والجهود التربوية العظيمة التي كان يسعى فيها الولي الصالح من إصلاح ذات البين، ونزع فتيل الفرقة والخلاف بين الناس بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم وغيرها مما يصعب حصره، ويعسر ذكره، لهو أكبر دليل على ما ذكرناه، وأصدق شاهد على ما أثبتناه؛ ومما زاد من محبة الناس بهذا العابد الزاهد والتفافهم حوله، ما ظهر على يديه من كرامات تشهد بصدق ولايته وتنطق بعلو منزلته وتصدع بعظم مكانته.
وقد عاش الشيخ أبو يعزى دفين جبل إيروجان (80 كلم عن خنيفرة) والذي يعرف مقامه بضريح مولاي بوعزة، طيلة قرن وثلاثين سنة، وكتب عن مناقبه وتصوفه العديد من القدماء والمحدثين، منهم ابن الزيات والصومعي، وعبد الوهاب بنمنصور وأحمد التوفيق وإبراهيم حركات.
يذكر أن فعاليات الموسم الروحي للشيخ “أبي يعزى يلنور”، الذي ينظم كل سنة بالجماعة القروية والجبلية لمولاي بوعزة (77 كلم من خنيفرة)، كانت قد انطلقت بداية الأسبوع الماضي تحت شعار ”الموسم السنوي لمولاي بوعزة فضاء للإشعاع الديني والروحي والثقافي ودعامة للرأسمال اللامادي”.
وبهذه المناسبة قام العامل والوفد المرافق له، بزيارة لقافلة طبية متعددة التخصصات، ولضريح الولي الصالح ”أبي يعزى يلنور”، رفعت خلالها أكف الضراعة إلى الله العلي القدير، بالدعاء الصالح لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، كما رفعت أيضا أكف الضراعة إلى العلي القدير، بأن يمطر شآبيب رحمته على جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني قدس الله روحيهما.
وعرفت فعاليات هذا الموسم السنوي برنامجا متنوعا شمل، علاوة على ندوة علمية، تنظيم ليال لفني المديح والسماع وختم عدد من السلك القرآنية، مع تنظيم قافلة طبية متعددة التخصصات لفائدة الساكنة المحلية المستهدفة، بالإضافة إلى حملة نظافة واسعة بمجموعة من أحياء مولاي بوعزة، فضلا عن تنظيم النسخة الثانية من سباق الشيخ أبي يعزى يلنور على الطريق، لمساعدة المواهب الرياضية على صقل واكتشاف مواهبها، والعمل على جعل الرياضة متنفسا للصغار والكبار، بهذه المنطقة من الأطلس المتوسط.
ويكتسي موسم الولي الصالح أبي يعزى يلنور، بمنطقة مولاي بوعزة بإقليم خنيفرة، بالنسبة لأهالي المنطقة، في هذه الفترة من السنة، أهمية كبرى بالنظر لدوره في تحريك عجلة التنمية، وخلق حركية اقتصادية، وإنعاش رواج تجاري للأنشطة المدرة للدخل للساكنة المحلية.