الألباب المغربية/ الكمري علي الروداني
بقدر ما نجح الأسلاف في حَبك أمثلة يستقيها من تجاربه المتراكمة التي ورثها أبا عن جد، ويتداولها في حياته اليومية للتوعية والإفادة قصد تجب الاندفاع والسهو واللامبالات، يخطأ البعض في ترجمتها وتشفير مقاصدها، فتؤدي الى نتائج عكسية تأثر على حياة الناس وعلى التنمية سلبا وتعطل عجلة الاقتصاد، بما يتنافى مع مصلحة الأفراد والمصلحة العامة للمواطنين… فمثلا حين نصح الأسلاف بالمثل أعلاه، قصدوا بذلك عدم التسرع في إضاعة رأس المال على بضاعة مكلفة لا ربح من وراها ووجوب الصبر والانتظار الى مجئ تاريخ السوق المقبل. لعل البضاعة تكون في المتناول يرجى منها رزقا وربحا…
فلا تجار المواشي الذين يعانون كقطاع خاص من الكساد وغلاء العلف وقلة الحيلة وذات اليد بسبب سنوات الجفاف المتتالية صبروا، الى حين اعادة فتح سوق الماشية المغلق بسبب وباء كوفيد. ولا القائمين على الشأن المحلي نجحوا في إقناعهم بالتريث والصبر الى حين ايجاد حلول ليبحثوا عن البديل ويشدوا الرحال الى جماعة مجاورة رحبت بهم وأحسنت إليهم ووفرت لهم الأرض على الطريق الرئيسية وقامت بتهيئتها وأخذتهم بالأحضان، ليقطع الشريان الحيوي الأول لمدينة تارودانت بتغيير تجار المواشي وجهتهم نحو جماعة ٱيت عزة بداية شهر يوليوز 2020.
ورغم بقاء بعض التجار والوافدين على السوق من القرى المجاورة، إلا أنه كالوضع الاقتصادي المحلي كله، لم يعد كما كان سابقا…
استبشر الكثير من المواطنين بإحداث المشروع التجاري “اتقداو” بالقرب من مكان السوق السابق ذكره وبجوار سوق الجملة والتقسيط الأسبوعي للفواكه والخضر. إلا أن هذا الأخير والسوق العصري بجواره كالبحرين بينهما برزخ لا يلتقيان، بسبب ضعف البنية التحتية والتهيئة الجمالية والفرق الشاسع بينهما على جميع المستوايات. ما أدى لسخط بعض التجار بحجة البعد عن الطريق الرئيسية ومطالب بعضهم ببقع خاصة وأشياء أخرى لا يتسع للمجال لذكرها. تنشأ جمعية أخرى من رحم الجمعية الأم وتفكر في الرحيل بمنخرطيها الى نفس الجماعة المجاورة التي احتضنتهم كذلك على غرار ما حصل مع سوق الماشية بتوفير الأرض على الطريق ووعدتهم بالبنية التحتية وماشابه، ليصبح الشريان الثاني للمدينة على المحك. فبرغم تمسك تجار الجمعية الأم بسوقهم ومدينتهم إلا أن كل الحبر الذي سال على حيطان المواقع من خلال تدوينات المواطنين بخصوص رحيل سوق الجملة للخضر الى جماعة ٱيت اعزة يحيلنا على مثل شعبي آخر لا يختلف عن المثل أعلاه والذي يقول: (الناس تمشي وتجي والسوق باقي فبلاصطو) يجعلنا نسلط الضوء على البرنامج الجماعي الخاص بتهيئة الأسواق التجارية لمدينة تارودانت، من جملته المشروع 7 الخاص بتهيئة سوق الجملة للخضر والفواكه بمنطقة أولاد غزال الذي ستقوم بتمويله الجماعة المحلية ب 5 ملايين درهم ووزارة الداخلية ب 2,50 مليون درهم وجهة سوس ماسة ب 2,50 مليون درهم.
كما بلغنا أن الجماعة اقتنت البقعة الأرضية بالمنطقة المذكورة على الطريق والتي انتقلت من الملك الخاص الى ملك الجماعة قصد إنجاز المشروع خلال 8 أشهر والشروع في التنزيل بداية يناير 2025. كل هذا ولا تزال بعض الفاعلات والفاعلين السياسيين المنتمين للمعارضة داخل المجلس الجماعي لمدينة تارودانت يروا بأن الإستثمار يجب ألا يكون على حساب الأسواق التجارية المحلية بترحيلها من أماكنها سواء بقصد فتح المجال للاستثمار أو بالتنكر للالتزامات السابقة التي أخذتها الجماعات المتعاقبة على عاتقها لما تكتسيه هذه الأسواق من رمزية ثقافية واجتماعية… وذهبت إحدى المستشارات بالجماعة الى حد الإشارة لعزم رحيل مهنيي الحي الصناعي كذلك إلى نفس الجماعة المذكورة… وبعد التقصي والبحث في الموضوع، يروج أن نية إنشاء نواة لحي صناعي بجماعة ٱيت اعزة وتشكيلها، أصبح على طاولة مجلس الجماعة المذكورة وبأن انقسام تجار سوق الخضر والفواكه بالجملة لجماعة تارودانت بين عازم على الرحيل مع الجمعية المنشقة مكتبها ومنخرطوها التابعين لهما معا حسب ما تقتضيه المصلحة من وجهة نظرهم، وباق مع الجمعية الأم المتمسكة بالبقاء بمدينة تارودانت في انتظار تنزيل السوق الجديد بأولاد الغزال مع تحفظها حسب تصريح رئيسها الحالي على البقعة التي سيخصصها المجلس الجماعي للمشروع، كونها غير كافية لاحتواء كافة تجار الجملة وتجار التقسيط وكونها لا تتسع إلا لحوالي 82 شخص تقريبا، وبين تشبت جمعية السلام الأم بعدم الفصل بين سوقي الجملة والتقسيط ومحاولة المجلس الجماعي لمدينة تارودانت اقناعهم بأن المصلحة في عزل كل سوق على حدة يبقي المواطن في حيرة التسائل اذا ما كانت فعلا ستقطع شرايين المدينة الثلاث تباعا والمتمثلة في تجار سوق المواشي وتجار سوق الجملة للخضر والفواكه، ومهنيي الحي الصناعي ؟ أم ستتضافر الجهود وتتكاثف اللقاءات مع الفاعلين المعنيين لأجل إنقاذ ما يجب انقاذه.
وأخذا بقول السلف للتجار والمهنيين يقول المثل أعلاه :
(اخسر الأسواق لا تخسر الفلوس ) يقصد بها أنه يستحسن خسارة الوقت بالصبر والتريث بدل خسارة رأس المال، لأن التجار وطموحاتهم هي رأس مال المدينة وشريانها.
وللمعنيين بالتدبير المثل الثاني يقول: (ناس تمشي وتجي والأسواق فبلاصتها) يضع القائمين على الشأن المحلي أمام المسؤولية التاريخية والأخلاقية والتي تقتضي التعجيل والتنزيل للبرامج المسطرة والحوار البناء مع كل المعنيين من تجار ومهنيين…