الألباب المغربية – محمد عبيد
ماذا يمكن أن نستنتج من تفشي وتكاثر المهرجانات بإقليم صغير جل ساكنته تعيش على فقر وعيش أليم في شتى مجالات الحياة وحالات واقع بنية الإقليم؟!! سيما عندما تنقضي أيام المهرجانات فيستفيق جمهور هذه المهرجانات من سباته ويباشر في التنديد بواقعه ومعيشته وما تتعرض له من غبن وقهر واضطهاد، على غرار ساكنة عالم قروي بإقليم إفران(جماعة واد إفران) بعد انصرام مهرجان القرية خرجت اليوم الأربعاء 16 غشت 2023 في وقفة ومسيرة احتجاجية لتشكي ولتبكي بأنها تعيش العطش؟!!!
سنقف في ورقتنا هذه بالتوضيح وبالتحليل على واقع المهرجانات بإقليم إفران وإن كنا نعلن بنقاء أننا لسنا ضد تنظيم مهرجانات الفرجة والاحتفالية، لكن بعد أن تشبع الكرش لتقول “للراس غني!”، علما أننا نتوخى أن تخضع المهرجانات للعقلنة وللعقلانية باعتماد استراتيجية تمزج بين الثقافة والفنون والحفاظ على المكتسبات الأخلاقية والتميز بالفعل الجاد والملتزم، والعمل على تفعيل الأدوار التنموية بالتراتب..
المتتبع لهذه المهرجانات المتزاحمة والتي يعرفها إقليم إفران هذا الصيف يقف على تشابهها في نقطة أساسية وهي حصرها في جل فقرات برامجها على الرقص والغناء رغم ما قد يدعيه بعض المنظمين بإدراج فقرات رياضية محصورة في مشاركة فئات أطفال (لا نمانع حقهم في المشاركة)، وهي فرص فقط لتغطية الخفي من تنظيم المهرجانات بادعاء التنمية المستدامة… كما أننا لا ننقص هنا من وجاهة أي رأي ولا نبخس أي مجهود إن كان عقلانيا… في حين يتم اقتحام مصطلح الثقافة بحصرها في ندوة يتيمة تتم برمجتها في صبيحة ومهجورة عند انعقادها سواء من الجمهور أو حتى من منظمي المهرجان أو من مسؤولين! في وقت تصادف هؤلاء يتزاحمون كل مساء من أمسيات السمر على الحضور بالتزام..
أما عن الإنتقائية فحدث ولاحرج سواء الفقرات الفنية أو الغنائية أو المشاركين فيها…
وبعض النظر عن هذه الملاحظة، فالكثيرون يتساءلون أية قيمة مضافة قدمتها هذه المهرجانات للساكنة ولمجالاتها الترابية أمام انفضاح عورات الكثير من المعيقات التي تعيش عليها التنمية من حيث البنية التحتية بالإقليم ككل.. هذا مع استخضار أبرز غرض من تنظيم مثل هذه المهرجانات التي بعضها يدعي الأسهام أيضا في الرواج السياحي؟
أُسائل أصحاب الوحدات الفندقية والمآوي الذين لم تحظى مراكزهم بالاختيار من قبل منظمي المهرجانات بإستضافة ضيوفهم وخاصة ضيوف VIP؟!!! كم بلغت نسبة المبيتات في مؤسساتها خلال أيام المهرجانات؟… هل عززت هذه المهرجانات من استقطاب استثمارات تنفع الساكنة أساسا؟ وهل قوت أيام المهرجانات من التنافسية الاقتصادية وجلب رؤوس أموال لمراكز حضرية أو قروية بالإقليم؟ في وقت يسجل فيه على أن تنظيم هذه المهرجانات كلف خزائن الجماعات المحلية الشيء الكثير وكشف عن قيمة التمويلات الكبيرة المخصصة لهذه المهرجانات والتي تكلف ملايير الدراهم تذهب في جيوب الممثلين والمغنيين وذوي القربى والمحظوظين والخانعين!؟!
فهل في التمويل والتوقيت إشكال؟ وما هي القيمة المضافة والآثار السيئة لهذه المهرجانات؟ ألم يكن جديرا بأن تضخ هذه الأموال في مشاريع تنموية تستفيد منها الساكنة؟ وبماذا يفسر كثرة المصاريف من المال العام التي تقدم لإقامة هذه المهرجانات في الوقت الذي تعاني فيه الساكنة من ارتفاع المعيشة وتزايد ثمن فواتير الماء والكهرباء، وتشرد أبناء القرية أو المدينة في غياب توفر أي فضاء شغل اقتصادي أو صناعي وفي انعدام تجهيز المستوصفات والمستشفيات، وغيرها من أسباب ضيق عيش المواطن الإفراني ككل.
هذه الآليات الاجتماعية والاقتصادية والضرورية كان من المفيد استغلالها الاستغلال الأنجع لو توفرت الموارد المالية المستمرة والمتنامية في تنمية الجماعات حتى تستطيع تطوير إمكانات المرافق وتعزز الخدمات وترفع مستويات النظافة والتشغيل.. وأكيد أنها لن تستطع العمل المنظم والمحترف لتسويق مجالها القروي أو الحضري تجارياً واقتصادياً إلاّ بعد أن تطور البيئة الاجتماعية والإنسانية لمجالاتها العمرانية.
ولو تفاعل القائمون عن الشؤون المحلية والإقليمية مع مثل الحلول الأساسية الطويلة المدى لكان بالاستطاعة أن نتوقع أجواء احتفالية وترفيهية دائمة في مداشرنا وقرانا ومدننا.. وفوق هذا إذا نحن لم نفكر بمثل هذه الحلول العلمية ولم نفكر بهذه الحلول فعلينا أن نتوقع أننا سوف ندور في حلقة (عجز الميزانية) لأننا (أغلقنا عقولنا) على حلول قديمة ظللنا ردحاً من الزمن ندور حولها.. وكأننا ننتظر معجزة.. من أين؟ لست أدري!!
الكثيرون ينبهرون ويتابعون ليالي المهرجانات وما أن تنتهي يكتشفون أنهم قوم صراصير..
الحاضرون أو الساهرون في ليالي المهرجان وعشقهم الميوعة لهم نصيب أوفر في استفحال ظواهر مشينة أكثر من ظاهرة هدر المال المال، ظواهر تتسم بالتربية والأخلاق، حينما يعتمدون خلال استمتاعهم بالفرحة فيُمزجونها بسلوكيات لا أخلاقية،
وللأسف تجد الكثير من الأسر تحج إلى تلك المنصات والأبواق، لسماع ذلك النعيق، وسط المنحرفين والفساق، مع أبنائهم وفلذات أكبادهم، فلا يرجعون إلا وحب نغمة ورقصة قد علق في قلوبهم، وبهذا تنتشر ثقافة الفن وتحقيق المتعة واللذة..
أية قيمة مضافة لمهرجانات إفران لشعب بات ضاحكا وأصبح باكيا ؟
اترك تعليقا