الألباب المغربية – محمد خلاف
مرسيديس 240.. مقاتلة ألمانية لها رباط وطيد بقلوب المغاربة جميعا، وهي جزء من طبيعة المغرب كجبال الأطلس، ورمال الصحراء، والأسواق، والمساجد، إذ بمجرد الوصول إلى ميناء طنجة أو مطار محمد الخامس حتى ترى طوابير من سيارة مرسيديس 240 في الانتظار، ورغم أنها صنعت في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي إلا أنها تعد من السيارات التي لقيت استحسانا في أوساط سائقي الطاكسيات الكبيرة منذ زمن … فهم جميعا يرون أنها( الله يعمرها دار) لم تخذل أحدا يوما، إلا أن هذه الأخيرة بدأت تعرف نوعا من الانقراض بعد أن كان إنتاج آخر موديل لها سنة 1984. حيث عمرت هذه السيارة لأزيد من عقدين كاملين. لكن لماذا يتشبث جل سائقي الطاكسيات الكبيرة بسيارة المرسيدس والتي يعتبرونها السيارة “الأسطورة ” التي لا بديل لها؟.
حقيقة وبإجماع العديد من الحرفيين، هي سيارة الصح والعمل كما يقال، فهي قوية واقتصادية في نفس الآن، ولا يمكن أن تعوض بأي سيارة كيفما كان نوعها لأن مرسيديس240 هي سيارة معدة لتحمل نقل الركاب، والأمتعة لمسافات طويلة، كما أنها سيارة تحظى بمقصورة متسعة ومريحة، وهي متوازنة على الطريق، فهي سيارة جمعت النجاح من جميع أطرافه….. و قطع الغيار الخاصة بها متوفرة بشكل كبير خصوصا داخل “لافراي” حيث أن ثمنها رخيص مقارنة مع أجزاء سيارات أخرى غالية الثمن، غير أن قطع الغيار داخل سوق” لافراي” بدأت في تناقص مستمر في اتجاه الزوال، لكن ثمن هذه القطع يبقى في المتناول مقارنة مع قطع غيار السيارات الأخرى، فالمحرك مثلا لا يتجاوز 10 آلاف درهم،…..
إن مرسيدس240 معروفة بقوتها وتحملها للركاب بأشكالهم، وأمتعتهم والطرق غير المعبدة، عكس السيارات الجديدة التي بدأت تدخل للخدمة والتي لا تتحمل الكثير من المصاعب، ولا تحتمل نقل أوزان كبيرة، مما جعل بعض الخصام يقع أحيانا بين سائق الطاكسيات الجديدة والركاب، خصوصا عند إغلاق الأبواب، وعند وضع الأمتعة في “الكوفر”….
إنه ارتباط وجداني وثيق بسيارة المرسيدس 240، حيث يصعب على الجميع نسيانها، لأنها قدمت خدمات جليلة لا تقدر بثمن، ورغم أن السيارات الجديدة مريحة للركاب، إلا أنها لن تقدر أن تعوض مكانة المرسيدس لدى المهنيين خصوصا القدامى منهم “فهي مقاتلة منها من يقطع أكثر من 500 كلم يوميا وبسبعة ركاب ودون توقف ليل ونهار ومنها من يتناوب عليها سائقين، فهي تشعر السائق بالأمان أثناء السفر، إضافة إلى سرعتها الكبيرة خصوصا في المسافات الطويلة بين المدن المتباعدة، متينة وتقاوم صعوبات المسالك الغير المعبدة، وقطع غيارها متاحة ورخيصة ” ولا يجد صعوبة كبيرة في إصلاح أعطابها أي مكانيكي، ونظرة خاطفة على عداداتها تجد أن منها من قطعت أكثر من 700 ألف كيلومتر، وتشتغل ليلاً و نهاراً دون توقف، رغم أن عمرها تجاوز أكثر من ثلاثين عاما، فالجميع يشهد أن (حديد لالمان ما كاينش بحالو)، ومنها من سجل عدادها أكثر مليون ونصف كيلومتر،…. أن 240 سيارة اقتصادية بمعنى الكلمة، حيث لا تستهلك إلا الديزال العادي وبنسبة قليلة، كما أن سعر الضريبة لا يتجاوز400 درهم في السنة، أما التأمين فهو محدد في مبلغ 9 آلاف درهم ويشمل تأمين ستة أماكن……
وفيما يتعلق بالبديل الذي سيعوض هذه الأسطورة التي بدأت تعاني حظيرتها من الشيخوخة، أجمع جل السائقين أنه قطعا لا توجد داخل سوق السيارات المغربية، ولا يمكن لأية سيارة أن تؤدي نفس الوظيفة التي أدتها وتؤديها 240، سيما على مستوى تحمل أعباء نقل جحافل من الزبناء بشكل يومي ….كل بفوضاه وطريقته في إغلاق الأبواب المتينة للميرسيديس240 التي تعد آخر الديناصورات المهددة بالانقراض بالمغرب……