محمد خلاف
ومضى مبديع إلى سوء مصيره، ولقي ما قدمت يداه، والآن يلتزم كتابه في عنقه، وبئس المصير. لا نريد أن نفتح كتابه الأسود، فهو كتاب طافح بالتجاوزات، والظلم والهدر، والبذخ الأسطوري الذي فاق أباطرة القرون الوسطى، وحمقى الحكام في العالم القديم والجديد… هل نتكلم عن الفقيه بن صالح التي مزقها وجعل معظم أهلها أذلة… رفع بعضاً، وخفض بعضاً، ليستقر له الحكم ويستقر هو في الحكم وإن تزعزعت المدينة كلها. هل نتكلم عن الفتن التي غذاها ومولها ؟
ملف حافل أسود، وتاريخ مليء مترع بكل أنواع الشرور…
قد نلتمس العذر لسكان المدينة الحانقين، مع تفهمنا العميق لدوافع السكان كلاً أو بعضاً، فإننا مع كل هذه الاعتبارات كنا نتمنى أن يتم القبض عليه سنين خلت وأن يقدم للمحاكمة بمعية العديد من مناصريه، والذين هم أشد ظلما وبطشا منه في حالات كثيرة…
مرحلة ما بعد مبديع تجعل المغرب كله يراقب المدينة ويحكم علينا من تصرفاتنا. هل نحن متحضّرون أم متحدرون؟ هل حان وقت التغيير أم التكرير؟ هل نحن من طينة واحدة ؟ وهل كلنا سواء واحد وسوية واحدة ؟هل هذا الانتقال سيجيش عداوات، ويهيج أحقاداً، ويحرك ضغائن، ويخزن نفوساً موتورة ويحقنها بالثأر والانتقام؟
فمبدع لاربعا مستودع أسرار وبئر حكايا وخفايا، ينبغي أن تستكشف للمزيد من تنقية المدينة…
أسئلة كثيرة ستظل في بئر الأسرار، لأنه ربما قُطع حبل استخراجها، الأموال المنهوبة والمخزنة ما مفاتيحها ؟ ما أرقامها ؟ ما مقدارها ؟ ما مقرها ؟ ما مستودعها ؟ هاهو في القفص وقد تجلل بالخزي والذل والعار والشنار بعد كل ذاك التأله والاستكبار.
فماذا بعد..!! ماذا بعد مبديع ؟
لئن كان المغرب يرقبنا في مسألة حبس رئيس المجلس الجماعي، فإنّه يراقبنا بألف عين في شكل الرئيس القادم ونمطه ونوعيته. هل ننجح في التأليف بين الأجزاء التي باعد مبديع بينها ؟ هل نعيد اللحمة إلى النسيج الاجتماعي ؟ هل ننجح في صياغة مجلس مسؤول ورئيس عصري؟ هل أعضاء المجلس الجماعي جميعهم على درجة من السعة والسماحة بحيث يفسحون في صدورهم لكل الفئات …
هل ندفن مآسينا مع حقبة مرت سوداء وانقضت، ونفتح صفحة في علاقاتنا بيضاء جديدة؟ هل نعيد الاعتبار للمدينة والوطن بدل الحديث اليومي عن الرشوة والزبونية؟.. يا أيها المواطنون الأحرار الشرفاء الشجعان بالمدينة، أيها الأعضاء أغلبية ومعارضة التاريخ ينتظركم والمغرب يرقبكم، فاعملوا ما به تبيضون صفحة لاربعا، وتزينون وجه الفقيه بن صالح بعدما شوهه من أبدع في سرقة المدينة، وأهم من التاريخ والعالم أن الله يرى ما تعملون فأقروا عين رسولكم بكم وعيون المؤمنين. وسلام على لاربعا وأهل بني عمير…