الألباب المغربية/ محمد عبيد
خلف الملف العقاري، الذي أطاح بعامل إقليم إنزكان أيت ملول من منصبه وإلحاقه بالإدارة المركزية لوزارة الداخلية، على خلفية ما اعتبر “فضيحة تضارب مصالح” مرتبطة بصفقة عقارية، جدلا واسعا في المنطقة، وذلك على إثر قضية تفويت وعاء عقاري كان مخصصا لإنشاء مدرسة بمدينة إنزكان وتغيير تصميم التهيئة برمته. وعقب نقل ملكيته إلى شركة حديثة العهد مسجلة باسم زوجة منعش عقاري معروف بالمنطقة وزوجة مسؤول بارز بوزارة الداخلية.
والمثير في القضية ـ بحسب ما تطرقت إليه وسائل إعلام وطنية – هو أن المالكين الجدد زوجتا المنعش العقاري والمسؤول النافذ بوزارة الداخلية، تثير شبهة تضارب المصالح واستغلال النفوذ، خصوصا بعد تغيير تخصيص العقار ومنح رخصة استثنائية لإقامة مركز تجاري ضخم..
ويبدو أن هذا الملف ليس سوى رأس جبل الجليد في منطقة أكادير الكبير..
فالمتتبعون للشأن المحلي يؤكدون أن ما جرى بإنزكان لا يختلف كثيرا عما يحدث في مناطق أخرى، بل هناك ملفات أكثر حساسية وخطورة، من تحويل مساحات خضراء إلى مشاريع استثمارية، وتفويت أراضٍ عمومية لمستثمرين وشركات حديثة التأسيس بمبالغ مثيرة للجدل، إلى جانب حالات الترامي على أراضي الدولة، وأخرى طالت مساكن مواطنين تم ترحيلهم بطرق اعتبرها البعض قسرية.
ومن الأمثلة البارزة على ذلك: أراضي شاسعة بين إنزكان والمزار، وأراضي قرب الملعب الكبير أدرار، وأخرى قرب كلية الطب، إضافة إلى مساحات شاسعة بشمال أكادير وعدة مناطق أخرى بالجهة، التي أثارت تساؤلات حول كيفية تفويتها لمشاريع استثمارية محتملة، ومدى احترام الشفافية في الصفقات العقارية. كما يطرح السؤال حول مصير هذه الأراضي التي بنيت عليها مؤسسات ومشاريع تجارية وسكنية ضخمة ومدارس خاصة…، وهل ستتم معالجة التجاوزات المرتبطة بها أم ستظل مجرد قضايا متراكمة؟.
وإذا كان قرار الإعفاء قد جاء نتيجة تقارير رقابية دقيقة، فإن الرأي العام المحلي ينتظر أن تشمل الجرأة نفسها باقي الملفات المرتبطة بالعقار في أكادير وضواحيها، خاصة وأنها تمسّ العدالة المجالية وحق المواطنين في الاستفادة من المرافق العمومية والمساحات الخضراء.
وفي خضم هذه المعطيات، لا يمكن إنكار أن عامل إنزكان أيت ملول أعطى دفعة تنموية للإقليم خلال فترة مسؤوليته، من خلال تحسين البنية التحتية، وتتبع ملفات التعمير، والعمل على جذب استثمارات جديدة، وهو ما جعل العديد من الفاعلين المحليين يعتبرون أن الرجل كان إضافة نوعية، رغم تعقيد الملفات العقارية التي ورث بعضها عن فترات سابقة.
وتبقى الكرة الآن في ملعب وزارة الداخلية والقضاء، فإما أن يتم الحسم في كل هذه الملفات بشفافية وشجاعة لإعادة الثقة للمواطن، أو تبقى مجرد قضايا معزولة سرعان ما تُطوى دون معالجة جذرية لأصل المشكل.
أسئلة مفتوحة هل ستتم معالجة هذه الملفات العقارية الكبرى بطريقة شاملة ؟ وهل ستتم حماية الأراضي العمومية والمرافق التي تخدم المواطن من الترامي والمصالح الخاصة ؟..