الألباب المغربية
تحرير مصطفى طه
بإحداث الوحدة الصناعية الضخمة لـ”غوشن هاي تيك”، سيعزز المغرب موقعه على الصعيد العالمي في مجال صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، ليؤكد بذلك أنه قطب مركزي للتنقل الكهربائي مستقبلا.
ويبرز ذلك من خلال الاهتمام المتزايد للشركات العالمية بقطاع البطاريات الكهربائية بالمغرب، مما يجعل المملكة تتموقع كفاعل رئيسي في سلسلة قيمة التنقل الأخضر.
وهو الحال، على سبيل المثال، بالنسبة لمجموعة “BTR“، بمشروعها لبناء مصنع لإنتاج الأقطاب الكهربائية السالبة بالمغرب باستثمار يقارب 500 مليون دولار، و(CNGR Advanced Material Company) التي أرست تعاونا مع صندوق “المدى” الاستثماري، وكذا مجموعة “Guangzhou Tinci Materials Technology“، التي تقوم ببناء مصنع لها بالمغرب.
وينضاف إلى هذه القائمة الطويلة، فاعل بارز جديد هو “غوشن هاي تيك”، الذي وقع أمس الخميس 06 يونيو الجاري بالرباط، اتفاقية استثمارية ذات طابع استراتيجي مع المغرب لإحداث وحدة صناعية ضخمة مع منظومة متكاملة لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية في مدينة القنيطرة، بكلفة استثمار تبلغ 12.8 مليار درهم.
وهذا التوجه الاستراتيجي ليس من قبيل الصدفة، بل هو نتيجة عمل طويل الأمد. فوفقا للوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، محسن جازولي، فإن “المغرب يجني اليوم ثمار رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، خاصة في ما يتعلق بالطاقات المتجددة”.
وأبرز جازولي خلال مائدة مستديرة مع وسائل الإعلام بمناسبة التوقيع على هذه الاتفاقية، أنه “بفضل هذه الرؤية، أصبحت الطاقة الخضراء متوفرة في المغرب بأسعار تنافسية للغاية”.
ويتوفر المغرب على كل الإمكانات، ولاسيما استقراره الجيوسياسي، وساكنته الشابة، وجودة بنياته التحتية، فضلا عن اتفاقياته المتعددة للتبادل الحر، والتي تدعم الولوج إلى سوق هامة من المستهلكين، وتجعل منه قاعدة استراتيجية للتصدير.
كما يتوفر المغرب على احتياطيات من الموارد الطبيعية، وعلى استراتيجية طاقية واضحة موجهة نحو الطاقات المتجددة، وصناعة كيميائية، فضلا عن مواكبة الدولة، ودعم القطاع الخاص.
وفي هذا السياق، قال جازولي إن “ميثاق الاستثمار يوفر إطارا واضحا للمستثمرين ومناخا للأعمال في تحسن مستمر”.
بدوره، أكد الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، في معرض حديثه عن هذه الدينامية، أن الاستثمار بالمغرب عرف نموا مهما منذ دخول ميثاق الاستثمار الجديد حيز التنفيذ.
وأبرز بايتاس أن المغرب أصبح وجهة مهمة للاستثمار بفضل اختياره العمل على موضوع تحديث الترسانة القانونية المتعلقة بالاستثمار، وعلى تحسين مناخ الأعمال عموما عبر تبسيط الإجراءات والمساطر.
وتعد المكاسب الاقتصادية لهذه الدينامية متعددة، لا سيما من حيث فرص الشغل، وخلق القيمة، والقدرة على التصدير، وعائدات العملة الصعبة.
ولإنشاء هذه الوحدة الصناعية الضخمة، وضعت المملكة ثقتها في “غوشن هاي تيك” باعتبارها رائدة في قطاع البطاريات الكهربائية، إذ تعد مجموعة “فولكس فاغن” الألمانية من بين المساهمين الرئيسيين فيها.
وكانت المجموعة قد حققت إنجازات هامة في أوروبا والولايات المتحدة، حيث أنشأت 12 وحدة صناعية ضخمة “GIGAFACTORY” على مدار العامين الماضيين، وذلك لتلبية الطلب العالمي الكبير على قطاع التنقل الكهربائي.
وسيمكن الشطر الأول من هذا المشروع الطموح، الذي يعد الوحدة الصناعية الضخمة الأولى من نوعها لبطاريات السيارات الكهربائية بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، من إنتاج 20 جيغاوات في الساعة، وخلق 17 ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر، من ضمنها 2.300 منصب شغل عالي الكفاءة. وستصل الطاقة الإنتاجية، في نهاية المطاف، إلى 100 جيغاوات في الساعة، بكلفة استثمارية إجمالية تقدر بـ 65 مليار درهم.
وعلى هذا النحو، يواصل المغرب التموقع ضمن الفاعلين الرئيسيين في الصناعة على الساحة الدولية، معززا بذلك مكانته كمركز مرجعي للمهن ذات القيمة المضافة العالية، لا سيما في قطاعات السيارات والطيران، والآن في مجال التنقل الكهربائي.