الألباب المغربية/ محمد عبيد
نزل خبر قرار حذف المحكمتين الابتدائيتيْن التجارية والإدارية بمدينة مكناس كالنار على الهشيم بين كل الغيورين عن مدينة مكناس العتيقة..
القرار الجديد تم تمريره، دون أن يثير أي ضجة وسط الفعاليات المكناسية من مجتمع مدني وحقوقي وسياسي وإعلامي..
ليعلن عن استمرارا مسلسل ترحيل المصالح والإدرات إلى مدينة فاس، منذ اعتماد التقسيم الجهوي الجديد، الذي ألحق مدينة مكناس، عاصمة جهة مكناس تافيلالت، بمدينة فاس على أساس قطب من أقطاب الجهة، قبل أن تتحول إلى مجرد إقليم تابع لعاصمة الجهة على غرار باقي الأقاليم الأخرى.
فلقد كان أن صادق مجلس الحكومة يوم الخميس 2 نونبر 2023، على مشروع المرسوم رقم 2.23.665 في شأن تحديد الخريطة القضائية للمملكة، قدمه وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، والذي سيتم بموجبه حذف المحكمتين الابتدائيتيْن التجارية والإدارية بمدينة مكناس.
إذ جاء في بلاغ لرئاسة الحكومة، أن مشروع القانون المصادق عليه، يندرج في إطار تنزيل مقتضيات القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.22.38 بتاريخ 30 من ذي القعدة 1443 (30 يونيو 2022)، والذي أحال في مادته الثانية على مرسوم لتحديد الخريطة القضائية وتعيين مقار محاكم الدرجة الأولى ومحاكم الدرجة الثانية ودوائر اختصاصها المحلي.
ويهدف هذا المشروع إلى تحيين الخريطة القضائية للمملكة وعقلنتها، على رأس المستجدات التي حملها مشروع المرسوم الحكومي الجديد على صعيد جهة فاس مكناس حذف المحكمتين الابتدائيتين التجارية والإدارية بمدينة مكناس، والاكتفاء بالمحكمتين الابتدائيتين التجارية والإدارية بمدينة فاس..
وترى بعض الألباب المكناسية أن هذا القرار لم يأت عبثا من الحكومة، بل استجابة لنداءات فعاليات فاس، التي ترافعت عن مصالح مدينة فاس وهو ما نتج عنه تمرير هذا المرسوم الحكومي وسط صمت رهيب وغير مبرر لنظرائهم بمدينة مكناس، دون أن يكلف أي برلماني أو منتخب سواء بالمجالس الجماعية أو الغرف المهنية على وجه الخصوص، نفسه، عناء الترافع عن المدينة ومصالح ساكنتها وجهتها من الأطلس المتوسط ومن تافيلالت التي ستصبح مطالبة للتنقل إلى مدينة فاس من أجل الاستفادة من خدمات المحكمة الإدارية أو التجارية، رغم تشييد الوزارة الوصية لمركب قضائي ضخم في موقع استراتيجي وسط المدينة، سيفتقد اليوم إلى خدمات المحكمتين المحذوفتين، رغم ما كان يروج حول إحداث قطب قضائي بالعاصمة الإسماعيلية في وقت سابق، قبل أن يتضح زيف هذه الوعود.
وقد صار هذا الموضوع حديث المجالس ترافقه العديد من التساؤلات المثيرة للجدل بخصوص ماذا یحدث لمدینة مكناس؟
وتتلخص عدد من الأجوبة في رأي واحد هو ان “مكناس لا شيء فیھا استقام، ولا شيء فیھا صار یستقیم”؟!!
ُفبعد أن غلبت فیھا الفوضى التمدن، واختلط فيها الحابل بالنابل، وما انعكس ّ فیھا على البشري بالإنساني، حتى بات الفرق دقیقا من حيث السلوكات العامة، وعلى ما یجري..
يقول عدد من الغيورين من أبناء مكناس: “إن مكناسة الزيتون لا تستحق كل ھذا العقاب ! إھمال كبیر وفادح في ھذه المدینة”، التي صارت “اللا مدينة” وهي التي كانت ذات باعتبار وتعد قطبا من بين أكبر المدن المغربیة، منذ عقود من الزمن؟ إلا أنها شرعت تفقد توازناتھا، ونظامھا!
ويخلص الاجماع المجتمعي من كل هذا التراجع عن جملة من المكتسبات سواء الإدارية أو غيرها بالتساؤل: لماذا يحصل لمكناس هذا الاغتصاب في الوقت الذي یتركز فیه الاھتمام بمدن مغربیة كانت من قبل أقل من مدینة مكناس من حیث القیمة العمرانية والتاريخية والخدماتية؟..
وليرتكز السؤال المحوري: لماذا عرفت مكناس ھذا التراجع، وھذا الانتكاس، وهذا الاكتظاظ فقط للمقاهي.. أین البرلمانيين؟ أين المجالس المنتخبة؟ أیـن العمالة؟ والمسؤولین عن الجھة؟ أین جمعیات المجتمع المدني؟.. بل الأنكى هو، أين هم سياسيو مكناس؟..ولماذا يتم الإجھاز على جملة من المكتسبات خاصة من الإدارية؟!! وهم يسرطون ألسنتهم؟
صدق من قال: “وإن سألوك عن الهضاضرية أين يمكنك الاستمتاع بحضورهم؟ فقل، عليك بمجالس مكناس والمناسبات حيث الأقوال تتناقض مع الأفعال؟… والزعم بكثرة المناسبات وربطها بالوطنية والاحتفال بالملاحم!.. فهذا لا يعني الهروب من المسؤولية والواجب تجاه مكناس والالتفاف على الواقع المر!..
فلقد أصبحت العاصمة السلطانية تعيش على هامش التنمية، وتعاني من كل ظواهر اليأس والتهميش، ويزعم المسؤولون بها عن تدبير الشأن العام المحلي، إن مناقشة ملاحم الوطن وهي فرص بدون جدية وبدون واقعية، لتبقى مثل هذه الأنشطة ذرا للرماد في العيون.. ففي الوقت التي تغيب الأضواء عن شوارع مكناس والأعلام الوطنية ومظاهر الاحتفال، تبقى الهضرة “ماكتشري خضرة”.. ففي غياب من يترافع عنها، وبعد ضياع كرسي غرفة الصناعة التقليدية، وترحيل المحكمتين (الإدارية والتجارية) الى فاس، تبقى مكناس تحتفظ بسجن تولال… ومحكمة الاستئناف (الابتدائية ربما هي الأخرى سيتم ترحيلها إلى فاس )!… مكناس المدينة العظيمة علم شامخ لا يحتاج إلى تعريف، لماذا مكناس ليست كالمدن الأخرى؟ صارت تفقد الكثير من المكتسبات، فما الذي ينقصها؟ أليست غنية بمواردها المالية والبشرية؟”..
صمت ساكنة مكناس عن ترحيل المحكمتين التجارية والإدارية ؟
اترك تعليقا