الألباب المغربية/ محمد خلاف
لعل المتتبع لطرق تسيير وتدبير المجالس الجماعية بالمغرب يتفاجأ للفوضى العارمة التي يعيشها هذا القطاع في غياب تدابير آنية رادعة من طرف الدولة، وهكذا تتناسل التقارير التي تؤكد وبالاثباتات الواضحة استمرار النهب الممنهج لمالية المجالس الجماعية، و”لاربعا” جزء من هاته السيرورة العامة، فبعد تعدد حالات الاختلاس، والنهب، والسطو، والتكالب، والتآمر، والتوقيعات السرية، وانطلاقا من تقارير قضاة المجلس الأعلى للحسابات ومجالسه الجهوية، واستنطاقات الفرقة الوطنية للشرطة القضائية حول هاته الظاهرة ب”لاربعا” تم اعتقال فرعون “لاربعا” لكن ماذا بعد؟؟؟؟؟…المدينة المسكينة التي تعبت من كثرة الوجوه وأصبحنا لا ندري ب”لاربعا” متى سينزع الظلم على المواطن ….وأين دور المسؤولين بين الضبط الإداري وتحقيق التنمية في ظل الوضع الحالي؟ وهل قدموا للمدينة ماكان منتظرا ؟ وما هي أدوار السيد باشا المدينة في ردع وكشف الخروقات والتجاوزات ؟ وما هو دور القياد، وشبكة الشيوخ والمقدمين في محاربة البناء العشوائي، أم أن الأمر يتجاوزهم أحيانا عند الحديث عن وجوه مألوفة في الغش وحاشيتها؟ فلا الشكايات حول الحفر بالشوارع، ولا الشكايات حول الظلام السائد بالمدينة مما تسبب في كثرة الاعتداءات على المواطنين والمواطنات من قبل المجرمين، ولا الشكايات حول ضبابية الصفقات، ولا الشكايات حول هدر المال العام، ولا الشكايات حول تفويت الأراضي بطرق مشبوهة ومكشوفة، ولا الشكايات حول الغنى الفاحش لعصابات مافيا العقار، ولا الضجة التي أثيرت مؤخرا حول خرق قانون التعمير بالمدينة، كل هذه المصائب والتجاوزات لم تجد من يفتح فيها تحقيقا نزيها محايدا قد يخلص المدينة من ظلم السنين، فهل أصبحت “لاربعا” مستعمرة لطائفة أتت على الأخضر واليابس؟ هل قسمت المدينة بين مافيات يرأسها زعماء الغش، حتى اختلطت الأمور وأصبحنا نشك أن كل تلك البقع والأملاك والمنازل والمشاريع فهي للزعيم المعتقل، أما من يظهر في الواجهة ففقط لدر الرماد في العيون بنصيب من الفتات، لأن المنطق يقول كيف لأشخاص أتوا إلى المدينة حفاه عراة من مناطق تشتهر فقط بالعقارب والحجر، والجفاف، وأصبحوا يملكون الملاييير، ويركبون ٱخر موديلات السيارات بعدما كانوا يركبون الحمير لجلب الماء من آبار عميقة كعمق نواياهم،….فالزعيم المعتقل له عصابات لكل تخصصها، فمنهم من تخصص في العقار والأملاك المخزنية، والبقع والمنازل المتنازع فيها بين الورثة، ومنهم من تخصص في صفقات الظلام والليل والخمر، ومنهم من تخصص في تجارة الحرب واستغلال الأزمات، ومنهم من تخصص في التسمسير، والبحث عن( هموز) لسيده، ومنهم من يسبح في جميع التيارات بعدما أغراه المال والسلطة، وتنازل عن وجه ظهر به زمن الانتخابات….. فمن المسؤول في هذه المدينة حتى يقيم الواقع المرير، ويرسل مراسلات لوزارة الداخلية للبحث في هذا التسيب الخطير الذي تعرفه المدينة ؟؟؟؟ فهل الكل متواطؤ لكسر عظام المواطن بهذه المدينة؟ فهل لغة المال هي المسيطرة دون أخلاق وضمير حي ؟ هل للمال سلطة على جميع الإدارات إدارية، ثقافية، رياضية، خدماتية ؟ ألم يأخذوا العبرة من الزعيم المعتقل الذي يقبع بالسجن جراء جشع لحظي قد يكلفه حياته؟ أين الوازع الديني لدى البعض ممن ساندوه ذات خميس أسود، هل ذهب مع عفا الله عما سلف والقيساريات، وتغيير السيارات والبحث عن هكتارات خارج المدينة؟ فإذا كانت الأقنعة تسقط دوما بالمدينة عندما تنتهي المصالح، فإن الدنيا تدور والوجوه تتقابل من جديد في ظروف مختلفة وعندها لن يكون هناك وقت لارتداء أقنعه جديدة. فالثقافة والفن والابداع ب”لاربعا” مكبل بالسياسة والولاء، والرياضة تحتضر عنوة .. الحيرة كل الحيرة تجعلنا دوما نطرح الأسئلة التالية (شكون مع الأغلبية ؟ شكون في المعارضة؟ شكون معاهم بزوج؟ شكون باغي الخير فعلا للمدينة؟ واش فعلا كاين لي مكيتشراش ب”لاربعا” ؟شكون وشكون وشكون… في انتظار الإجابة عن هذه الأسئلة في حلقات فضح المستور بالدليل القاطع وبوجه مكشوف لا نخشى في ذلك لومة لائم. فقط وفقط لكشف كل من ينبح دفاعا عن مسؤول فاسد بمنفعة أو دونها… فالمدينة لا تحتاج مسيرين جعلوها لسنوات تتيه في صحراء من الوهم والسراب.. كل ما تحتاجه هو فرقة رجال تعرف الزقاق جيدا!. وفي أفق إيجاد شخصية بالمدينة كسعيد مهران في رواية اللص والكلاب لنجيب محفوظ لينتقم من الذين اغتنوا على حساب الآخرين ب”لاربعا”، وزيفوا المبادئ، وداسوا على القيم الأصيلة، أو ربما ينتقم القدر من هؤلاء الكلاب جملة…. لأن مشكلتنا ب”لاربعا” ليست مع الصنم بل مع من يعبده ويبحث عن غيره إذا كُسر وهم صنفان: جهلة أو أصحاب مصلحة.