الألباب المغربية/ سعيد آيت حم
كمغاربة نفتخر بكوننا نملك شركة وطنية لها تاريخ حافل بالإنجازات في مجال النقل الجوي وآخرها مساهمتها في نقل ملايين الجرعات من اللقاحات خلال اجتياز بلادنا لفترة جائحة كورونا.
تأسست الخطوط الملكية المغربية “لارام” سنة 1957 أي عند فجر استقلال الوطن وكان ذلك نتيجة دمج الشركة الشريفة للنقل الجوي طيران الأطلس ” CCTA air Atlas” التي أسسها المقيم العام الفرنسي سنة 1946، بعد الحرب العالمية الثانية، وشركة طيران المغرب Air Maroc الخاصة. طورت الشركة رأسمالها حيث كانت الدولة المغربية تتحوز على 55% من رأس المال و 30% للخطوط الفرنسية Air France و 10% ل Air Transport و 5% ل Avignon.إلخ، إلى أن أصبحت الدولة المغربية مالكة حاليا ل 98% من رأسمال الخطوط الملكية المغربية والباقي 2%، في ملك QATAR AIRWAYS وبعض المستثمرين المغاربة.
كان لإدريس الشرادي، أول رئيس مدير عام للشركة،له الفضل في إنشاء أول مركز للتكوين في مهن الطيران، حيث شكل نواة تطوير الشركة الوطنية وتخرجت منه أفواجا من ربابنة وفنيين وتقنيين وملاحين.. وعند مطلع سنة 1959 كان أسطول “لارام” يتكون من طائرتين من فئة” ماك دونيل دوغلاس DC-3″ الشهيرة ب” Dakota”، وطائرة “Caravelle” وطائرتين من طراز “Constellation” ، كما كانت أسرة “لارام” تتكون من 95 ملاحا من بينهم 25 ربانا، 16 فني راديو، 17 ميكانيكي قمرة، 23 مضيفة و 14 مضيفا، حيث نقلت الخطوط الجوية الملكية في هذه السنة ما لا يقل عن 134000 مسافر. فتحت “لارام” أول خط لإفريقيا سنة 1961 وكان يربط الرباط بباماكو، وعرفت الشركة أول حادث سقوط للطائرة سنة 1970، سنة دخول “البوينغ” 727 ثلاثية المحركات الخدمة تحت ألوانها. تطورت “لارام” RAM إلى أن أصبحت ما هي عليه الآن، بأسطول يناهز 58 طائرة تشكل علامة “البوينغ” الأمريكية عمودها الفقري مع برنامج طموح يرمي إلى إقتناء 150 طائرة خلال السبع سنوات المقبلة، مضاعفة الطائرات يعني مضاعفة عدد الأطقم والفنيين والعمالو… فكل طائرة للخطوط المتوسطة يشتغل عليها ثلاثة أطقم، أي ثلاث ربابنة من درجة قائد الطائرة وثلاث ربابنة من رتبة ضباط أول وثلاثة رؤساء القمرة وثلاث فرق من المضيفات والمضيفين بالإضافة إلى فنييو الأرض من ميكانيكيين وكهربائيين وتقنيين في الإليكترونيك والإتصالات، قس على ذلك الخطوط الطويلة Long courrier حيث يكون العدد أربعة أطقم عوض ثلاثة.. فبوصول إلى أسطول من 200 طائرة سيضم الرأسمال البشري للخطوط الملكية المغربية ما يناهز 1300 ربان وآلاف المرافقين والفنيين والتقنيين و.. للأسف، ما يحسب على “لارام” في منصب الربان، هو تشغيل الأجانب وخيرة شبابنا، على درجة عالية من التكوين، ربابنة أكفاء، يقاومون العطالة ويعيشون على أمل الإلتحاق يوما ما بشركتهم وهم لا يصدقون رؤية من هم غرباء عن هذا الوطن في مناصب من الأولى أن تكون من نصيب مواطنيه. أليس من الأولوية في هذه المناصب من حقهم مادامت الشركة الوطنية ملكا لهم على غرار باقي المغاربة.
هم من الكفاءة ما يعطيهم الصفة التي تخول لهم العمل على طائراتها؟ أم كتب علينا أن نرى بطائراتنا ربابنة يغازلون جمهورية الوهم عساهم ينالون رضا بقايا التقدميين الذين توقفت عقارب ساعات فكرهم عند موضة ستالين ولينين وغيفارا وغيرهم؟؟ خلال مراحل تطوير الخطوط الملكية المغربية تطورت قوانينها الداخلية لمواكبة متطلبات المجال، وجاءت بعض “القوانين” وإن كانت “قاسية” كضرورة اجتياز الربان للأقسام التحضيرية كي يصبح قائدا للطائرة Commandant de bord وفسخ جمعية الربابنة وغير ذلك، ألم يكن من المنطقي أن يسن قانون يجعل منالعمل بهذه الشركة حكرا على المواطنين المغاربة، تكون الكفاءة العلمية والعملياتية وحسن السيرة والسلوك هما الشرطان الأساسيان لنيل المناصب؟ أم سنرى، قريبا مئات الربابنة الأجانب من “أليكسندر وسيرغي ولافروف وبيتروفيتش على طائراتنا التي اشتريناها من أموالنا وثرواتنا، رغم الكفاءة، لا يطيرون إلا في الخيال وأعناقهم مشرئبة إلى السماء عند سماع أنين الجو تحت ضغط المحركات النفاثة في أجواء هذا الوطن؟؟ لقد حز في أنفسنا أن نرى ربانا أجنبيا يطير على طائراتنا داخل أجوائنا، يطير من أراضينا ويحط عليها، يستفزنا بخرقة جمهورية الوهم، ماسا بوحدتنا الترابية التي ضحى آباؤنا وإخواننا وأبناؤنا بدمائهم وأرواحهم من أجلها.. أليس من العار أن نفتح هذه النوافذ، تشغيل الأجنبي، كي تفتح جبهات اللجاج والجدال والمس بمقدسات هذا الوطن؟؟؟ أما حان الوقت كي نجعل من الرأسمال البشري الوطني علامة لها وزنها مادامت الكفاءة والإنضباط والإحترافية لا تشكل نقصا في مقومات الإطار المغربي كيفما كان التخصص؟؟