الألباب المغربية/ حليمة صومعي
لقد صنعت لنا الحداثة عوالما جديدة تبهرنا بكل ما هو متطور وجديد، وكما أفادتنا بمختلف الفضاءات للتواصل بمختلف مستوياته، فقد أصبحت أيضا ملاذا مفضلا للمجرمين والمنحرفين ليسلبوا الناس أموالهم وأرزاقهم، وقبل هذا يسلبونهم الأمن والأمان. فالابتزاز الالكتروني ظاهرة بشعة وهي جديدة على عالمنا استغل أصحابها تطور التقنية ليهدموا أسس السلام والأمن في المجتمعات الانسانية. لذا فالجرائم هي الأخرى وجدت في مواقع التواصل بيئة مناسبة لتنمو بشكل سريع متخذة أشكالا مختلفة. ويعرفه بشكل عام مصطفى عاشور في إسلام أونلاين على الشكل التالي:
“والابتزاز الإلكتروني هو تهديد بالتشهير بمشاركة معلومات تخص شخص ما، بما في ذلك الصور والفيديو، على الانترنت، مالم يستجيب لمطالب المُبَتز، والتي تكاد تنحصر في طلب المال أو الاستغلال الجنسي.
كما يعرفها حمزة سعود بأنها شكل متطور من أشكال تسريب المعطيات” ويقول حول هذا: “العملية تتم بعد «اصطياد» أجهزة معينة داخل شبكة أنترنت لا سلكية مزورة. هذه الشبكات يمكن للهواتف الذكية الحديثة الاتصال بها بشكل تلقائي شريطة وجودها على بعد أمتار قليلة. هذه النقاط المزورة للاتصال تمكن القراصنة من سرقة المعطيات الشخصية الخاصة بمستعملي الهواتف الذكية كما تمكن عددا من «المبتزين الافتراضيين» من الحصول على مبالغ مالية مهمة لقاء عدم نشر المعطيات الخاصة بالمستعملين. في هذا التحقيق، وقفت «الأخبار» عند عدد من ضحايا الابتزاز الإلكتروني، حياتهم تحولت منذ وقت سابق إلى كابوس بسبب دردشة في مواقع التواصل الاجتماعي، تحولت فيما بعد إلى التقاط للصور ومشاركتها عبر الأنترنت”.
كما حدد الخبراء أهم الطرق التي يقوم بها المبتزون لسرقة محتويات الضحية، سواء من صور شخصية أو أفلام تخص حياتهم، وتعتبر طريقة الاتصال عبر النقاط المزورة من هذه الطرق التي تشكل خطرا على المجتمع داخل الفضاء الالكتروني: “الاتصال بالأنترنت من خلال الشبكات اللاسلكية قد يتسبب لعدد من مستعملي في قنصهم من خلال الهاكر المبتز وبالتالي يسرق كل معلوماتهم الحساسة، آلية عمل الشبكات الخاصة بنقاط الاتصال المزورة، تتم عبر «اصطياد» عدد من الأجهزة والهواتف الذكية الخاصة بمستعملي الأنترنت، من خلال إتاحة الاتصال تلقائيا ولاسلكيا بشبكة غير محمية، وخاصة بمستعملي الأنترنت، الأمر الذي يتسبب في قرصنة العديد من الأجهزة والملفات والمعطيات الشخصية الخاصة بمستعملي الأنترنت”.
بعد استفسار عدد من الخبراء في مجال أنظمة التشغيل، وكذلك أحد النشطاء في مجال القرصنة المعلوماتية، أوضحوا بأن جميع الأجهزة الإلكترونية عرضة للاختراق مادامت متصلة بنقطة إلكترونية لا سلكية (Point d’accès).
بعد إنشاء نقطة اتصال لا سلكية مزورة على الأنترنت، يتم ترصد مختلف الأجهزة المتصلة بالشبكة والحصول على مختلف المعطيات الشخصية المرتبطة بالمستخدمين، بالإضافة إلى إمكانية نسخ جميع المحتويات الواردة في الأجهزة المتصلة لا سلكيا بالشبكة”.
فهو يؤدي الى نتائج فظيعة على المستوى السيكولوجي والنفسي للشخص ويسبب له أزمة قد تؤدي إلى مضاعفات كبرى، سواء من حزن أو اكتئاب إلى حد الإصابة بالانهيار. وهذا التأثير يكون بشكل أكبر على الفتيات والسيدات، لأن النمط النفسي الذي يغلب عليهن دو طبيعة هشة خصوصا وأن الابتزاز غالبا ما يكون بمحتوى جنسي وهو شيء يجعلهن يشعرن بالرعب. وهذا حصل كثيرا على مستوى ابتزاز الزوجات بمحتوى قد يهدم أسرهم.
ونظرا لخطورته الكبرى فإن المغرب وظف العديد من موارده الأمنية والقانونية لمحاربة الظاهرة، هيئة حيث نجد مكافحة الجرائم الإلكترونية في المغرب وهي تلعب دورا كبيرا في الحد من الجرائم الالكترونية، حيث ظهرت لأول مرة بخصوص جرائم واد زم في هذا المجال وأيضا إقليم خريبكة، ويقول أحد المختصين بهذا المجال
” بأن هذا المجال أصبح في الآونة الأخيرة مصدر دخل للعديد من شباب وأفراد منطقة واد زم، نظرا لإمكانية جني مبالغ مالية مهمة من خلال العمليات التي تستهدف الخليجيين على وجه الخصوص، والمتحدث نفسه يضيف أن الظروف المزرية لشباب المنطقة تدفعهم إلى امتهان الابتزاز الإلكتروني نظرا لارتفاع مستويات البطالة، كما يبرز أن هذا الابتزاز أصبح مهنة مغرية يقبل عليها العديد من شباب المنطقة”..وهي تساعد الناس بشكل دائم وتبدي لهم النصائح. كما وضع عقوبات صارمة للمبتزين لجرائم الابتزاز الإلكتروني في القانون المغرب: “تصل عقوبة الابتزاز الإلكتروني في المغرب إلى السجن لسنوات ودفع غرامة مالية كبيرة، فمثلًا من يبتز غيره بالصور يعاقب بالسجن مدة 3 سنوات، وغرامة قدرها 20 ألف درهم. ومن هدد شخصًا بأي طريقة من الطرق يعاقب بالسجن مدة من عام إلى 3 أعوام وغرامة مالية قدرها بين 200 إلى 500 درهم. وتتمثل عقوبة الابتزاز الإلكتروني الجنسي في المغرب في السجن مدة من سنة إلى 5 سنوات، ودفع غرامة مالية قدرها 200 درهم”.
وقد تعددت تعريفاته من دولة لأخرى حسب رؤيتهم للظاهرة، فحول تعريف الظاهرة على مستوى المغرب يقول الموقع الرسمي لمكافحة الابتزاز الالكتروني في المغرب: “الابتزاز من المغرب هذه الأمور صنيع مجموعة من الأفراد الخارجين عن القانون، وتعمل الجهات الرسمية على ملاحقتهم والقبض عليهم، ومع أن تلك الجرائم موجودة في جميع الدول إلا أنها تتركز في بعض المدن المغربية بحجة الفقر، حيث يجد المجرمين مبرر لهم، انهم يرتكبون تلك الجرائم بسبب الفقر الشديد وبسبب البطالة. حيث يتم اللجوء الى ممارسة الخداع والتقاط صور ومقاطع فيديو محرجة تهديد الآخرين. وأفضل طريقة للقضاء على تلك الواقعة هي تجاهل المجرمين وعدم الرضوخ لهم”.
فهذه الجرائم مثلا على مستوى المغرب تطورت بشكل خطير جدا، وأصبح هؤلاء المبتزون يكونون شبكات إجرامية عابرة للبحار، وفي قضية كبرى ضحاياها سياسيون ورجال أعمال بالمغرب تقول سكينة الصادقي:
“وينتظر أن يصدر قاضي التحقيق أمرا دوليا بإلقاء القبض في حق المتهم الرئيسي صاحب الموقع الإلكتروني الموجود حاليا في حالة فرار بمدينة “بريشيا” بدولة إيطاليا، وهو القرار نفسه الذي سيشمل أحد شركائه الرئيسيين الموجود في إحدى البوادي بدولة هولندا. وتعود تفاصيل القضية إلى قيام مستثمرين وسياسيين ومسؤولين عموميين بوضع شكايات ضد المتابعين، يتهمونهم فيها بربط علاقة مع صاحب الموقع الإلكتروني، وتزويده بمعلومات وأخبار لا أساس لها من الصحة، يتم نشرها في الموقع، قبل أن يطالبوهم بدفع أموال مقابل حذف المقالات المنشورة” .