الألباب المغربية / رشيد اخراز
ما يحدث في إقليم أزيلال لم يعد مجرد احتجاجات معزولة أو مطالب اجتماعية متفرقة، بل أصبح عنوانًا صارخًا لأزمة سياسية وتنموية عميقة، تُعرّي واقعًا مُهملًا ومواطنًا تُرك لقدرٍ لا يرحم.
منذ أشهر، وأصوات ساكنة آيت بوكماز ودواوير أخرى لا تهدأ، ترفع شعارات تفضح العزلة المزدوجة: عزلة طرقية تحاصرهم بين الجبال، وعزلة رقمية تجعلهم خارج زمن التكنولوجيا، إضافة إلى خدمات تعليمية وصحية لا ترقى حتى إلى الحد الأدنى من الكرامة. هذه المطالب ليست ترفًا ولا مزايدة، بل حقوق أولية وبديهية .
لكن الصورة الأكثر قسوة لا تكمن فقط في هشاشة الوضع الاجتماعي، بل في سقوط مفهوم التمثيلية السياسية سقوطًا مدويًا. فالمجالس المنتخبة، التي يُفترض أن تكون صدى لمعاناة الساكنة، تحولت إلى هياكل فارغة تُركت ليديرها الصراع على المقاعد، بينما الواقع الميداني يزداد بؤسًا. المواطن البسيط، بعدما فقد الثقة في منتخَبيه، لم يجد إلا الشارع مقرًّا لإيصال صوته، ومقر العمالة أو الولاية وجهةً أخيرة للتوسل بحقوقه.
إنها ليست أزمة أزيلال وحدها، بل نموذج صارخ عن الفوارق المجالية التي مازالت تنخر جسد المغرب العميق، حيث تبقى التنمية مجرد وعود انتخابية موسمية، وحيث تتحول أصوات الفقراء إلى سلّم يصعد به البعض نحو المناصب ثم يتركونهم غارقين في الظلام والعزلة.
اليوم، لم يعد السؤال: لماذا يحتج الناس؟ بل أصبح: إلى متى سيستمر تجاهل هذه الأصوات ؟
الاحتجاجات في أزيلال ليست عابرة، بل جرس إنذار، لأن الكرامة والعدالة المجالية لم تعد ترفًا سياسيًا، بل حقًا وجوديًا لا يقبل المساومة.