المصطفى العياش
مباشرة بعد إدانة المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، مساء يوم الجمعة 11 غشت 2023، محمد الحيداوي، رئيس فريق أولمبيك أسفي، بسنة ونصف حبسا نافذا، و بـ 10 أشهر نافذة لعادل العوماري صحفي بإذاعة رياضية، على خلفية “الفضيحة العالمية بالتلاعب بتذاكر مونديال قطر 2022′′، تقاطرت وتناسلت على مواقع التواصل الاجتماعي، تساؤلات استنكارية على شاكلة:
“واش هاد العنصرين زعما بوحدهم باعوا وشراو في التذاكر أو هما بوحدهم لي حاولوا يزعزعوا مشاعر الفرحة والسرور للشعب المغربي ولي كانوا أبطالها رجال الفريق الوطني للكرة المغربية لي فرحونا أو فرحوا ملك البلاد ولي خرج للشارع يشارك فرحتو مع فرحت شعبوا ولي مازال اثار النجاح ديالهم تيحصدها المغرب في السياحة”.
فالمغاربة ولله الحمد عندهم ذاكرة قوية خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمواطنة وتحديدا في موضوع كأس العالم، فبعد النطق بالحكم على محمد الحيداوي، رئيس فريق أولمبيك أسفي والبرلماني بها باسم التجمع الوطني للأحرار وعلى عادل العوماري الصحفي بإذاعة رياضية لاحت إلى الأفق من جديد التقارير التي ذكرت إبان المونديال، أن محمد بودريقة، عضو المكتب الجامعي لكرة القدم والبرلماني عن حزب الأحرار، والرئيس الحالي لفريق الرجاء الرياضي، كان ضمن الأسماء الموضوعة في لائحة من أجرت معهم الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقيقاتها، وكانت الجماهير المغربية قد رددت اسمه خلال وقفتها الاحتجاجية بمطار الدوحة بخصوص تذاكر مباراة نصف النهاية من المونديال والتي جمعت المنتخب المغربي بنظيره الفرنسي.
ولقوة خطورة الموضوع فقد طالب الفريق الاشتراكي بمجلس النواب إبانها بفتح تحقيق لكشف المتورطين وتحديد الاجراءات اللازمة لعدم تكرار ما وقع ووجهوا سؤالا إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة جاء فيه: ”أفادت الأخبار الواردة من قطر، أن مسؤولا بالجامعة الملكية لكرة القدم، خلق جدلا واسعا بسبب طريقة تدبير تذاكر مباراة المغرب ضد فرنسا، بدعوى سطو على حصة التذاكر التي أمنتها الجامعة للمشجعين المغاربة، وتوزيعها بمزاجية، خاصة مع استفادة بعض المؤثرين منها، في حين انتظرت الٱلاف من الجماهير المغربية الحصول على فرصتها لتشجيع المنتخب المغربي من الملعب. الأمر الذي خلق فوضى كبيرة، بعد اختفاء التذاكر المخصصة للمغاربة… قبل أن تقوم شركة “لارام” هي الأخرى بإيقاف باقي الرحلات المبرمجة ما أثار استياء المواطنين المغاربة”. مضيفا الفريق الاشتراكي في سؤاله الكتابي “…كان على الجامعة الملكية لكرة القدم عوض أن تعتمد طرقا واضحة في توزيع تذاكر المباريات بطريقة مؤسساتية، وعمدت إلى إسنادها إلى المسؤول المشار إليه أعلاه، لتوزيعها بطريقة غامضة، حيث تم تداول اسمه بقوة من طرف مؤثرين خلال المباراة الماضية، ما أثار شبهات المحسوبية في توزيع التذاكر الشيء الذي جعل الآلاف من الجماهير المغربية في حالة ترقب قبل المباراة بمطار الدوحة وهم خارج ملعب البيت المونديالي”.
متسائلا الفريق الاشتراكي “…عن الإجراءات العاجلة التي سيتم اتخاذها من أجل فتح تحقيق للتأكد من صحة الأخبار ولمعرفة ملابسات هذه الواقعة؟ وكذا إمكانية إيفاد لجنة لتقصي الحقائق ومحاسبة كل المتورطين في هذه الواقعة؟ وكذا التدابير التي سيتم إقرارها لتفادي تكرار مثل هذه السلوكات والممارسات اللامسؤولة واللاأخلاقية؟…”.
وعلاقة بالموضوع فقد نشرت جريدة “الاتحاد الاشتراكي” يوم 2022/12/20 مقالا تطرق فيه كاتبه الى أن عدة تقارير إعلامية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، قد تناقلت أخبار ضلوع مسؤولين تابعين للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ومرافقين وممثلين لأندية وطنية، ومسؤولين برلمانيين ومنتخبين جماعيين وجهويين، في عملية المتاجرة، في السوق السوداء، في تذاكر بعض مباريات المنتخب الوطني المغربي في مونديال قطر 2022 خاصة منها مباراة نصف النهاية بين المغرب وفرنسا.
مؤكدا صاحب المقال ما مفاده “…. إن تصريحات عدد كبير من جماهير المنتخب الوطني في قطر، وكذا من خلال خرجات المشتبه فيهم في تلك الفضيحة، أن الحقيقة المؤسفة التي أضرت بشكل كبير بسمعة الحضور المغربي في تلك التظاهرة العالمية، أرخت بكل ظلالها على المشهد البطولي للنخبة الوطنية وعلى المشهد المفرح لأداء اللاعبين، وأضحى الأمر يستوجب فتح تحقيق جدي والوقوف على كل ملابسات القضية سيما أن هناك أسماء تم ذكرها ووجهت لها أصابع الاتهام وتحتل مسؤوليات بارزة إن على مستوى المكتب المديري للجامعة أو على مستوى التمثيلية في البرلمان أو في تسيير مجالس وجهات منتخب”.
مذكرا صاحب المقال ” ففي الوقت الذي انفجرت فيه الفضيحة رغم محاولات المشتبه فيهم من خلال خرجاتهم في بعض المنابر الإعلامية بتبريرات ”غبية” ورطتهم أكثر من أنها نزعت عنهم الشك، تأكد وجود نية خبيثة في الاسترزاق وفي استغلال توهج المنتخب الوطني ورغبة أعداد كبيرة من الجمهور المغربي في تشجيع لاعبينا هناك في قطر”.
مؤكدا صاحب المقال المنشور بجريدة “الاتحاد الاشتراكي”…للأسف، لم يتوان المفسدون، ولم يخجلوا من استغلال الموقف وتحولوا إلى سماسرة في بيع التذاكر بأسعار مرتفعة، بل وخرجوا بكل ”تسنطيحة” يقدمون مبرراتهم، وجدوا أنفسهم في ورطة قانونية حقيقية جعلت منهم مذنبين وجب معاقبتهم”.
وزاد قائلا صاحب المقال: “…في هذا الإطار، وفي محاولته إبعاد التهم عنه، ذكر محمد الحيداوي، نائب برلماني ورئيس فريق أولمبيك آسفي، وهو أحد المتورطين في الملف وقد انتشر تسجيل صوتي يؤكد تورطه ولم ينفه بنفسه وأكد أنه تسجيل له، بأنه صرف أزيد من 50 مليون سنتيم من ماله الخاص مصاريف إقامته في قطر، وأنه اقتنى بعشرين مليون سنتيم تذاكر وزعها على معارفه المنحدرين من مدينة آسفي، (وهو المحكوم عليه حاليا) وسار محمد بودريقة، نائب برلماني وعضو جامعي، على نفس المنوال وهو يصرح أنه صرف الملايين من أجل اقتناء تذاكر وزعها على من يحب كما قال: ” شغلي هاداك، نوزعها على صحاباتي وعلى صحابي وماشي شغل أي حد”.
وهنا نصل إلى جوهر القضية القانونية وتجاوز كل القوانين ارتباطا بما صرح به بودريقة وزميله في الحزب محمد الحيداوي، حسب مقال جريدة “الاتحاد الاشتراكي” “…لقد أكد الاثنان أنهما صرفا وأنفقا أزيد من 50 أو 60 مليون سنتيم الجزء الأكبر منها مصاريف اقتناء تذاكر المباريات، وقانونيا، يسائل بودريقة والحيداوي كيف استطاعا إخراج هذه المبالغ من المغرب إلى الخارج علما أن القانون المغربي لا يسمح بإخراج أكثر من 10 ملايين سنتيم فقط؟”.
هناك إذن خرق سافر للقانون المغربي – حسب مقال جريدة “الاتحاد الاشتراكي” – من طرف النائبين البرلمانيين، وهناك استغلال فاحش لموقعهما في قائمة المقربين من أصحاب النفوذ في الحكومة وكذا في الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وخرق سافر للجمهور الذي تحمل عناء السفر من المغرب ومن مختلف دول العالم ليجد نفسه أمام لوبي فاسد يتاجر في فرح المغاربة ولا يخجل من استغلال الإقبال الجماهيري الكبير الذي صنعه أبطال المغرب هناك في قطر دائما حسب صاحب المقال بجريدة “الاتحاد الاشتراكي.
لقد تأكد أننا نعيش في المغرب مع كائنات لا تهمها سوى مصالحها الذاتية، ولا يعيرون أي أهمية للانتماء إلى هذا الوطن، ولا يحفلون بأجواء الفرح التي عمت المغاربة ملكا وشعبا، وقد أصبح بالتالي من الضروري بعد فضائحهم في قطر أن تتحرك المصالح الرسمية وفي مقدمتها النيابة العامة من أجل فتح تحقيق وبحث في الموضوع علما أن السلطات القطرية كانت سباقة إلى فتح تحقيق في نفس الموضوع بعد ما شهده مطارها الدولي قبل مباراة منتخبنا مع فرنسا من احتجاجات قوية للجمهور المغربي أمام غياب التذاكر وصدمتهم بوجودها تطرح في السوق السوداء”. (انتهى مقال الصحفي المنشور بجريدة الاتحاد للاشتراكي).
فلكل هاته المعطيات والأحداث فالمغاربة مازالوا ينتظرون ما سيتخذه لقجع في حق المتلاعبون بالتذاكر حتى لا تنحصر المتابعة في شخصين خصوصا أن رئيس الجامعة المغربية سبق وأن تعهد باتخاذ إجراءات صارمة في حق كل من ثبت تورطه مهما كان منصبه، مؤكدا أن الإجراءات ستكون صارمة ولن تقبل أي جدال، وسيتم إخبار الرأي العام بكل القرارات التي سيجري اتخاذها بكل وضوح وشفافية…. انتهى كلام لقجع….