الألباب المغربية/ حسن الخباز
حكمت محاكم تونس على الرئيس السابق راشد الغنوشي باثنين وعشرين سنة فيما بات يعرف بقضية “إنستالينغو”، وهي أحكام جائرة كما أعلنت هيأة دفاعه.
وقد رفضت الهيئة هذه الأحكام واستنكرتها سيما وأنها لا توافق المنطق السليم، وأكدت أن الغنوشي سيواصل مقاطعة هذه المحاكمات الهزلية التي أقل ما يمكن وصفها به أنها سياسية كيدية.
هناك من يقول أن هذه الأحكام تأتي عبر أوامر من خارج تونس كلما لاح ضياء لا يوافق هوى الغرب والقوى العظمى التي تسيطر على العالم، والغنوشي يتمتع بشعبية واسعة داخل كل أوساط المجتمع التونسي.
فالحركة التي يترأسها كانت ومازالت من أقوى الأحزاب السياسية بأرض الزيتون تونس الخضراء، وأثبتت جدارتها حين تقلدت زمام الأمور بتونس وحققت نجاحا منقطع النظير.
ومع ذلك فهناك من يقول أن تونس لم تهنأ بأمن منذ الربيع العربي وثورة الياسمين التي تسبب فيها البوعزيزي الذي أحرق نفسه وأشعل نيرانها .
قيس سعيد اعتقل كل معارضيه وما راشد الغنوشي إلا واحدا منهم، لذلك فلن يهنأ للرئيس التونسي بال حتى يضع الرئيس السابق خلف القضبان وهو مازال يصبو له ويصر على تنفيذه بكل الطرق والوسائل القانونية وغير القانونية.
قيس سعيد يستغل كل السلطات للانتقام من خصومه ويتخلص منهم عبر سجنهم ويزيد من حقد الشعب عليه، وكل هذا ليس في صالحه ومع أنه يعلم بهذه الحقيقة لكنه مازال متعنتا.
مع أن رئيس حركة النهضة التونسية بلغ من العمر عتيا، فقد يوضع في السجن من جديد في أقرب فرصة لا لسبب مقنع إلا أنه قد يصبح رئيسا في أقرب ثورة شعبية للتونسيين الأحرار.
الحكم باثنين وعشرين سنة على رجل كبير في السجن، لا ذنب له إلا أنه ذو شعبية واسعة وخدم الشعب حين كان في منصب المسؤولية، حكم استغرب له العالم وأسال الكثير من المداد ومع كل الانتقادات الموجهة للرئيس التونسي الحالي فإنه لا يبالي، بل ويزيد إصرارا وتعنتا.
جدير بالذكر أن هيئة الدفاع عن راشد الغنوشي تؤكد أنه بريء من التهم الموجهة إليه في كل هذه القضايا وتعتبرها كيدية وقد توجهت غير ما مرة للرأي العام العالمي مستنجدة ومطالبة العقلاء بالتدخل لوقف نزيف هذه المهزلة.
يشار إلى أن القضية تعود لأكتوبر 2021، حين أوقفت السلطات موظفين بشركة “أنستالينغو” وحققت مع صحفيين ومدونين ورجال أعمال وسياسيين بتهم بينها “تبييض أموال، وارتكاب أمر موحش (جسيم) ضد رئيس الدولة (قيس سعيد)، والتآمر ضد أمن الدولة الداخلي والجوسسة”. حيث أن أنصار قيس سعيد يؤكدون أن “أنستالينغو” المختصة بإنتاج المحتوى الإعلامي والصحفي كانت أداة تستخدمها حركة “النهضة” أثناء وجودها بالسلطة لتشويه خصومها السياسيين، ثم الرئيس ذاته بعد ذلك.
لكن هيئة الدفاع عن الغنوشي تنفي صحة القضية برمتها واعتبرت أنها انطلقت من وشاية تقدم بها شخصان تعلقت بهما عديد من القضايا والملفات التأديبية، وصدرت بحقهما أحكام قضائية.
قضية الغنوشي تعرف تطورات متسارعة وقيس سعيد يبذل قصارى جهده ليعتقل الغنوشي الذي يعتبر أقوى خصومه، فهل سيتمكن من تحقيق هذا الهدف، هل سيؤدي اعتقاله لثورة جديدة سيما وأن لحركة النهضة الملايين من الأتباع ؟ كيف سيتفاعل الشعب التونسي مع الاعتقال إن تم تنفيذه؟ أسئلة كثيرة من هذا القبيل سنعرف إجابتها خلال الأيام القليلة القادمة.