الألباب المغربية/ الصويرة – حفيظ صادق
في حضيرة الصويرة، حيث تجتمع رمال الغابة وأمواج المحيط وأصوات النوارس، نشأ محمد بلحاج بيهي، بطل الملاكمة الشهير الذي لا يزال يلهم الأجيال بروحه القوية وإرادته الصلبة.
وُلد بيهي في عام 1903، ومنذ صغره انغمس في عالم الرياضة، حيث كانت الملاكمة تنبعث من داخله كحبة النار في ليلة البرد، وظل يواجه البحارة الأجانب في ميناء الصويرة، متحدياً التحديات حتى وصل عام 1922، حينما هاجر إلى مدينة الدار البيضاء.
سنة 1926، كانت بداية انطلاقته الحقيقية حيث توج بلقب بطل الملاكمة في المغرب، ولم يكتف بذلك بل حافظ على هذا اللقب لثلاث سنوات متتالية. ثم انتقل إلى باريس، عاصمة الأناقة والفن، حيث عمل بجد واجتهاد بجانب المدربين الفرنسيين، وتمكن من تحقيق النجاح والتألق بين ألمع نجوم الملاكمة في ذلك الزمان.
على الرغم من معاناته مع المرض الذي أجبره على التوقف عن اللعب لفترة، إلا أنه عاد بقوة، وفي عام 1930، واجه التحدي بقوة في مباراة مثيرة أمام عشرات الآلاف من المتفرجين في ملعب “سطاد فليب”، ونجح في التتويج بجائزة بطل أفريقيا الشمالية.
ولدى محمد بلحاج بيهي روح الصمود والإصرار، ففي إحدى المباريات تعرض لكسر في يده اليسرى، لكنه لم يستسلم، بل استمر في القتال بإصرار وعزيمة حتى انتصر وحقق البطولة الأفريقية.
وبعد ختام مشواره في الملاكمة، اعتنق بيهي مهنة التحكيم في الجمعية الفرنسية للملاكمة بالمغرب ابتداءً من عام 1943، حيث أضاف بصمته في تطوير هذه الرياضة في أرجاء المملكة.
يعتبر محمد بلحاج بيهي أيقونة من أيقونات الرياضة المغربية، فهو لم يكن مجرد بطل في الحلبة، بل كان قدوة في الإصرار والعزيمة، ورمزاً للتميز والإبداع.
رحم الله البطل الكبير وأسكنه فسيح جناته، حيث يلتقي الأبطال والصالحين في مكان منير، وتبقى ذكراه خالدة في قلوبنا وفي ذاكرتنا التي لا تنسى.