الألباب المغربية/ ياسين بالكجدي
في لحظة سياسية فارقة، وأمام تساؤلات كثيرة طرحتها عائلات المعتقلين على رئيس الحكومة آنذاك، عبد الإله بن كيران، كان الجواب صادماً ومقتضباً: “ولادكم ما مربينش تيضربو بالحجر.” تصريح اعتبره الكثيرون تهرباً من المسؤولية وتبريراً لما تعرض له شباب اعتُقلوا ظلماً، وأدينوا بمحاضر ملفقة دون أدنى اعتبار لحقوقهم الدستورية والقانونية.
5 يونيو 2012… ذكرى الألم والمعاناة
في ذلك اليوم المشؤوم، كانت الحقيقة تُغيب خلف قضبان الزنازين، حيث تعرضتُ – كصحفي مصور بجريدة الاتحاد الاشتراكي – لأبشع أنواع التعذيب والتنكيل. لم يكن الاعتقال مجرد لحظة عابرة، بل كان محطة طويلة من الترهيب والضغوط النفسية والجسدية التي مورست ضدي في محاولة لطمس الحقيقة وإجبار القلم على الصمت. المحاضر زُورت، والتهم فُبركت، وتم الزج بي في دوامة مظلمة من الظلم، كنت فيها مجرد رقم جديد يُضاف إلى قائمة من طالهم القمع والاستبداد.
العدالة… شعار بلا مضمون
حين كانت عائلات المعتقلين تبحث عن إجابة واضحة حول مصير أبنائها، جاءت تصريحات بن كيران لتعكس واقعاً مريراً، حيث تحولت العدالة من مفهوم دستوري إلى مجرد شعار سياسي للاستهلاك الإعلامي. فهل كانت العدالة التي يتحدث عنها “العدالة والتنمية” تعني عدالة الامتيازات والصفقات؟ أم أنها العدالة التي توزع المناصب والرواتب وتعطي الحق للمحظوظين دون غيرهم؟
ثمن الكلمة الحرة
مع مرور السنوات، لم تنتهِ تداعيات تلك التجربة المريرة، ولا تزال آثارها تطاردني في كل خطوة. فالصحافة التي من المفترض أن تكون سلطة رابعة تم تسخيرها في كثير من الأحيان لخدمة أجندات سياسية، بينما يجد الصحفي الحر نفسه في مواجهة مباشرة مع آلة القمع، يدفع ثمن مواقفه واستقلاليته المهنية.
خاتمة: عدالة السماء وحدها المنصفة
اليوم، وبعد سنوات من تلك الحادثة، أدركت أن العدالة الحقيقية ليست في المحاكم ولا في الشعارات السياسية، بل في عدالة السماء، حيث تتساوى المخلوقات أمام الحق، وتُردّ المظالم لأصحابها. وحتى ذلك الحين، سيظل القلم مستمراً في نقل الحقيقة، مهما كان الثمن.