الألباب المغربية/ نورالدين ودي
“الجهاد” مصطلح إسلامي يتداوله أهل الإسلام فيها بينهم في نصوصهم وتخاطبهم وهو يعني: (بذل النفس والمال لإعلاء كلمة الله) مثله مثل “الشهادة” و”الاستشهاد” والتي تعني: (الموت وإهلاك النفس في سبيل إعلاء كلمة الله) والتي هي مقام من مقامات الآخرة…! و”السلام” الذي هو تحية الإسلام والمسلمين وكلمة “آمين” التي تعني: (اللهم استجب) والتي يقولها السامع للدعاء، وغيرها من المصطلحات التي كلها تحمل في دلالاتها معان دينية تتعلق بأمور الإيمان والغيب…
لكن غير المسلمين من يهود ونصارى وغيرهم من الطوائف المارقة من الإسلام “شيوعيين” و”علمانيين” راقتهم وأعجبتهم هذه المصطلحات فحسدوا المسلمين عليها فاستعملوها فيما بينهم..
وفيهم قال نبي الإسلام والمسلمين صلى الله عليه وسلم :
“ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين”.
فإذا مات أو قتل فيهم الرجل الذي كان لا يؤمن بالإسلام ولا يعتبر أحكامه وتوجيهاته شيئاً ذا أهمية، أضفوا عليه أوصافاً ومصطلحات أهل الإسلام الذي لم يؤمن به في حياته ولم يقدم له شيئاً بل أضر به وبالصالحين من أهله وأهل العلم به…!
فقالوا في هالكهم “شهيد” أو “مجاهد” أو غير ذلك مما هو خاص بأهل الإسلام المومنين به وبأحكامه .
فصدق عليهم قول نبي الإسلام (ص) الآنف الذكر :
“ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين”.
وقوله صلى الله عليه وسلم الذي يُبيِّن فيه اختلال المقاييس في آخر الزمان فيقول: “يأتي على الناس زمان يُقال للرجل فيه : ما أعقله ! ما أظرفه ! ما أجلده ! وما في قلبه مثقال حبة من إيمان”.
لكل “جهاده “وتنازلا لهؤلاء على استعمال هذه المصطلحات شكلا وخاصة منها مصطلح “الجهاد” أو “المجاهد” فإننا نقول: نعم، لكل جهاده،
فمن الناس من جاهد في سبيل إعلاء كلمة الله وأفنى عمره في الدعوة إلى الدين القيم وإحقاق الحق وإبطال الباطل ولم يخش في الله لومة لائم، وقول كلمة الحق ولو أمام إمام جائر وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما سؤل: أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: “كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ “، رواه الإمام أحمد.
ومنهم من جاهد في سبيل إعلاء دعوة الإلحاد والصد عن سبيل الله وجهد نفسه في كتم أصوات العلماء ومحاربتهم فكان كمن قال فيهم الله عز وجل:
(إِنَّ ٱلَّذِینَ یَكۡفُرُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ وَیَقۡتُلُونَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ بِغَیۡرِ حَقࣲّ وَیَقۡتُلُونَ ٱلَّذِینَ یَأۡمُرُونَ بِٱلۡقِسۡطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِیمٍ (21) أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِین)َ (22)﴾ سورة آل عمران.
فما بين جهاد و جهاد سيأتي كلٌّ عند ربه و جهاده بين يديه، وسيعلم كل صاحب جهاد مُنقلَبه.
يقول تعالى: وَٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَعۡمَـٰلُهُمۡ كَسَرَابِۭ بِقِیعَةࣲ یَحۡسَبُهُ ٱلظَّمۡـَٔانُ مَاۤءً حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَهُۥ لَمۡ یَجِدۡهُ شَیۡـࣰٔا وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُۥ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُۥۗ وَٱللَّهُ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ﴾ النور 39.
رحم الله الشيخ عبد الباري الزمزمي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وجازاه الله عن أهل الإسلام والإيمان خير الجزاء وجعله في أعلى عليين جوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.