الألباب المغربية/ متابعة حليمة صومعي
في قلب المغرب، بين جبال الأطلس المتوسط وسهول تادلة الخصبة، يقف مطار بني ملال على مساحة شاسعة تبلغ 170 هكتارًا، مما يجعله مؤهلاً ليُصبح قطبًا جويًا استراتيجيًا يخدم جهة بني ملال- خنيفرة ومحيطها الواسع. فرغم موقعه الجغرافي المثالي وتجهيزاته الجيدة، لا يزال المطار يعاني من غياب رؤية واضحة لتفعيله وتطويره، سواء من حيث البنية التحتية أو الخطوط الجوية.
- ضرورة التوسعة وتعدد الخطوط: مطلب وطني واستراتيجي
توسعة مطار بني ملال لم تعد مجرد رغبة، بل ضرورة وطنية تفرضها التحولات الاقتصادية والديمغرافية المتسارعة التي يعرفها المغرب. إن توفر المطار على مساحة 170 هكتارًا يجعله مؤهلاً لاستقبال استثمارات كبيرة في البنية التحتية الجوية: مدرجات إضافية، مرافق جديدة، ومراكز لوجستيكية حديثة.
إلى جانب ذلك، فإن فتح خطوط جوية جديدة نحو الدول الأوروبية التي تقيم فيها الجالية المغربية مثل فرنسا، إيطاليا، بلجيكا، هولندا، وإسبانيا، يُعد خطوة حيوية لتعزيز صلة الرحم، وتنشيط الاقتصاد المحلي، ودعم السياحة العائلية.
أما داخليًا، فإن ربط مطار بني ملال بخطوط جوية نحو العيون، الداخلة، أكادير، الصويرة، والرباط سيُحول المطار إلى عقدة تنقل حقيقية، ويُعزز التكامل الجهوي، ويُتيح فرص تنقل أسهل للطلبة، المستثمرين، والسياح، كما يدعم الاقتصاد الوطني برمّته.
- فرص تنقل حقيقية لسكان فاس، مراكش والدار البيضاء
ما لا يدركه الكثيرون هو أن مطار بني ملال لا يخدم فقط ساكنة الجهة، بل يُشكل خيارًا استراتيجيًا لسكان فاس، مراكش، والدار البيضاء، خصوصًا في ظل وجود الطريق السيار بني ملال – برشيد، والطريق السيار المرتقب الذي سيربط بني ملال بمراكش وفاس. هذه البنية الطرقية المتطورة تفتح آفاقًا واسعة للمواطنين الذين يبحثون عن حلول نقل مريحة واقتصادية.
ولا يمكن إغفال مشروع ربط بني ملال بالقطار، عبر محور بني ملال-الدار البيضاء، حيث سيشكل هذا الخط رافعة حقيقية للمطار، خصوصًا إذا ما تم تمديده مباشرة إلى المطار، مما سيُوفر وسيلة سريعة وسلسة للتنقل من وإلى مختلف المدن المغربية.
ومع الارتفاع المستمر لأسعار التذاكر في مطارات الدار البيضاء ومراكش، فإن الأسعار التنافسية لمطار بني ملال تمثل بديلاً ذكيًا وجذابًا للمغاربة الراغبين في السفر بأقل تكلفة وأكثر راحة، خاصة مع إمكانية استخدام القطار والطرق السيارة للوصول بسرعة إلى المطار.
- رافعة للسياحة والاستثمار والتنمية الترابية
منطقة بني ملال – خنيفرة تتمتع بمؤهلات طبيعية وسياحية فريدة: عيون أم الربيع، بحيرة بين الويدان، جبال الأطلس، المنتجعات الجبلية، الفلاحة البيولوجية، والتقاليد الأمازيغية الأصيلة… ومع ذلك، لا تزال هذه الثروات غير مُستغلة بالشكل الأمثل بسبب ضعف الربط الجوي.
مطار نشط ومتطور يمكن أن يُحول هذه المؤهلات إلى فرص حقيقية للسياحة الداخلية والخارجية، وجذب المستثمرين إلى مجالات مثل الفنادق، النقل، الفلاحة المصدّرة، والصناعات الغذائية. مطار بني ملال ليس رفاهية، بل رافعة تنمية حقيقية تنتظر تفعيلًا شجاعًا.
- رسالة مفتوحة للمسؤولين: لا تُهدروا هذه الفرصة
لدينا مطار، لدينا الأرض، ولدينا الموقع… ما ينقص هو القرار.
لقد آن الأوان لأن نُعيد الاعتبار لمطار بني ملال، ونجعله مركزًا حيويًا للجالية المغربية، ومحركًا اقتصاديًا وسياحيًا لجهة تزخر بالكفاءات والثروات.
وسّعوا المطار، افتحوا خطوطًا جديدة، دعوا العالم يكتشف جهة بني ملال – خنيفرة، ودعوا أبناء الوطن يجدون طريقهم إليه بسهولة.