الألباب المغربية/ أحمد زعيم
بجولة قصيرة، أو إطلالة خاطفة عبر نافذة السيارة أو الحافلة مرورا عبر طرقات إقليم الفقيه بن صالح، تتضح لك الحالة الكارثية التي آلت إليها الفلاحة بالمنطقة بسبب توالي سنوات الجفاف، والتغيرات المناخية، وسوء إدارة أزمة المياه في البلاد… في طريقك ترى أراضي قاحلة جرداء وأشجار ميتة، وأخرى في لحظاتها الأخيرة، أما المواشي فأصبحت ناذرة، وإن صادفتها، ترى بعض الأبقار والخيول والحمير الهزيلة بسبب قلة الكلأ مما أدى إلى إرتفاع اسعار اللحوم، ومنتوجات الحليب باستثناء بعض الضيعات الفلاحية الكبرى التي تبدو خضراء نتيجة إستفادة أصحابها من المخطط الأخضر والقروض والتسهيلات، والترخيص في حفر الآبار، وبناء الأحواض، وإستنزاف ما تبقى من الفرشة المائية…
الحكومة تدعو لمواجهة الإجهاد المائي، والإفراط في إستغلال المياه الجوفية، وإستنزاف الطبقة السفلى من الفرشة المائية، وتعلن عن قطع المياه الصالحة للشرب عن المناطق الأكثر تضررا من الجفاف، مما يزيد من معاناة الفلاحين والساكنة ككل…، وهناك من يتحدث عن عملية استغلال مئات الآبار بالضيعات الكبرى التابعة لأصحاب “الشكارة” وبيع منتوجاتهم بأسعار مضاعفة ” التصدير” دون حسيب ولا رقيب، وعلى حساب الفلاحين الصغار المنكوبين الذين فقدوا مصدر عيشهم الذي يعتمد على الفلاحة، خصوصا أشجار الزيتون، والزراعة التي توفر الكلأ للمواشي.. حتى أصبح يباع عبارة عن خليط “طحين أوراق الأشجار” ومواد أخرى بدل طحين الزيتون، وانتشار ظاهرة الغشاشين والنصابين في الزيت، والذين أطاحت عناصر الدرك الملكي بالبعض منهم بالفقيه بن صالح، البلدة المعروفة على الصعيد الوطني والدولي بجودة ووفرة منتوجاتها الزراعية، منها زيت الزيتون.
فهل الفلاحون سيستبشرون خيرا ؟ رغم أن أغلبيتهم فقدوا الأمل بسبب المخططات الفلاحية الفاشلة، والسياسات المتبعة في هذا القطاع، وبعد فوات أوان موسم الحرث والزرع، وموت غالبية الأغراس والأشجار، عندما يشاهدون الشركة المكلفة بإصلاح شبكة توزيع المياه المتهالكة( لقوادس)، تسارع الزمن لإصلاح وتجديد “لقوادس” وإعادة هيكلة شبكة توزيع مياه السقي المهترئة، لأن عندما كانت تفتح قنوات الري، فبدل أن تسقى أشجار الزيتون لإنقاذ بعض الأشجار من الموت، تنال الطرقات والمجاري النصيب الأوفر من المياه “ضياع الماء”.
وحسب تصريحات بعض الفلاحين عن هذه الإصلاحات قال: ( أن إصلاح لقوادس في هذا الوقت، وبعد فوات الأوان وموت الاشجار، وفترة الحرث والزرع، يبقى الإصلاح صفقة من الصفقات التي يجب تفويتها على حساب الفلاحين الصغار لأنهم هم من يؤدون فاتورة مياه السقي اذا حالفهم الحظ واستفادوا من حصة مياه السقي المخصصة للفلاحين…).
فمن المسؤول عن تدبير نذرة المياه، ومواجهة الإجهاد المائي ، واستنزاف الطبقات السفلى من الفرشةالمائية؟؟!!
من المسؤول عن اشكالية الأمن الغذائي، والعطش، وإرتفاع الأسعار، ونزوح الساكنة، والهجرة…؟!
من المسؤول عن الإستهثار بالفلاحين، والفلاحة بجهة بني ملال خنيفرة ؟.