الألباب المغربية/ ياسين بالكجدي
يعد عبد الرحيم لعبايد واحدًا من الأسماء الوازنة في المشهد النقابي المغربي، رجلٌ نذر حياته للدفاع عن حقوق الشغيلة، ليس فقط في خريبكة، ولكن في العديد من المدن المغربية، حيث ظل صوتًا صادقًا يعبر عن تطلعات العمال والطبقات الكادحة.
من خريبكة.. انطلاق مسيرة النضال
وُلد وترعرع في عاصمة الفوسفاط، خريبكة، المدينة التي شكلت منذ عقود معقلًا للعمل النقابي بحكم وجود المجمع الشريف للفوسفاط، أحد أكبر المؤسسات الاقتصادية بالمغرب. منذ شبابه، انخرط لعبايد في العمل النقابي، متأثرًا بالقيم النضالية التي طبعت الحركة العمالية، وسرعان ما برز كقيادي يتمتع برؤية واضحة، وحكمة في إدارة الحوار، مما جعله يحظى باحترام الجميع.
لم يكن نضاله محصورًا في قطاع الفوسفاط فقط، بل امتد إلى قطاعات أخرى مثل نقابة سائقي الطاكسيات، الأطر الطبية، التعليم، والبلديات، حيث عمل على تأطير الشباب وترسيخ مبادئ النضال المسؤول، بعيدًا عن الصدامات العشوائية.
نضال في مختلف المدن المغربية
رغم أن لعبايد ظل مرتبطًا بخريبكة، إلا أن تأثيره امتد إلى مدن أخرى مثل الدارالبيضاء، الرباط، مراكش، وسطات، حيث شارك في العديد من المحطات النضالية المهمة، وساهم في تكوين وتأطير العديد من المناضلين الذين أصبحوا اليوم في مواقع قيادية داخل النقابات.
في الدار البيضاء، كان له حضور قوي في اللقاءات النقابية الكبرى، حيث دافع عن حقوق سائقي الطاكسيات والعمال في مختلف القطاعات. أما في الرباط، فقد كان وجهًا مألوفًا في الاجتماعات والحوارات مع الجهات المسؤولة، مؤمنًا بأن العمل النقابي يجب أن يعتمد على الحوار البناء لتحقيق المكتسبات.
مدرسة في النضال والتكوين
ما يميز عبد الرحيم لعبايد عن غيره من النقابيين، هو أنه لم يكن مجرد قائد يترافع عن المطالب، بل كان مدرسة قائمة بذاتها، حيث سهر على تكوين وتأطير جيل جديد من النقابيين، الذين تعلموا منه قيم المسؤولية، الالتزام، وأهمية الأخلاق في العمل النقابي.
كان دائمًا يردد أن “النضال ليس صراعًا أعمى، بل مسؤولية تحتاج إلى وعي ونضج”، وهو ما جعله يحظى بتقدير واحترام الجميع، حتى من خصومه الذين كانوا يشيدون بقدرته على الحوار والإقناع.
رجل المواقف الصلبة والقيم الراسخة
رغم كل التحديات التي واجهها، لم يتنازل عبد الرحيم لعبايد عن مبادئه، وظل وفيًا لرسالته النقابية، مدافعًا عن الحقوق المشروعة للطبقة الشغيلة، دون أن يقع في فخ المزايدات أو المصالح الضيقة.
إنه رجل يؤمن بأن “العمل النقابي ليس وسيلة لتحقيق المكاسب الشخصية، بل واجب لخدمة العمال والوطن”، وهو ما جعله يظل حاضرًا بقوة في المشهد النقابي المغربي، رغم مرور السنوات.
خريبكة تحتاج إلى رجال من طينته
اليوم، لا تزال خريبكة تستفيد من خبرته وحكمته، لكنها في الوقت نفسه بحاجة إلى جيل جديد يحمل نفس القيم والمبادئ، لضمان استمرار العمل النقابي النزيه والفعال. فبينما تتغير الظروف، تبقى الحاجة ملحة إلى نقابيين يحملون نفس الروح، ويدافعون عن حقوق العمال بروح المسؤولية والاحترام.
تحية تقدير وامتنان
عبد الرحيم لعبايد ليس مجرد نقابي، بل هو قيمة نضالية وإنسانية كبيرة، يستحق كل التقدير على ما قدمه من تضحيات وجهود لخدمة قضايا العمال. ونتمنى له طول العمر والصحة ليواصل عطائه وإسهاماته في المشهد النقابي المغربي، الذي لا يزال بحاجة إلى حكمته وتوجيهاته.