الألباب المغربية
في قلب جماعة أولاد اكواوش دائرة أبي الجعد بإقليم خريبكة، يتربع ضريح سيد السائح شامخاً كشاهد على تاريخ عريق وحضارة ضاربة في القدم. هذا الضريح، الذي يُعتبر من أبرز المعالم التاريخية والدينية في المنطقة، يحمل بين جدرانه قصصاً وحكايات ترويها الأجيال عن رجلٍ عُرف بتقواه وحكمته، فتحول ضريحه إلى مزارٍ روحي ورمزٍ للهوية المحلية. ومع ذلك، فإن هذا الصرح التاريخي اليوم يعاني من إهمال كبير، يهدد بفقدان جزءٍ مهم من الذاكرة الجماعية للمنطقة.
يعود تاريخ ضريح سيد السائح إلى قرون مضت، حيث يُعتقد أنه بُني في فترة ازدهار الطرق الصوفية في المغرب، والتي لعبت دوراً كبيراً في نشر الإسلام وتعاليمه في المناطق النائية. سيد السائح، الذي يُنسب إليه الضريح، كان من أولياء الله الصالحين الذين اشتهروا بالزهد والورع، وأصبح مزاره نقطة جذبٍ للزوار والمريدين الذين يأتون طلباً للبركة والدعاء.
رغم القيمة التاريخية والدينية التي يحملها ضريح سيد السائح، إلا أنه اليوم يعاني من إهمال كبير، حيث تظهر على جدرانه علامات التصدع والتآكل التي تهدد بانهياره. الزخارف والنقوش التي كانت تزينه بدأت تتلاشى بفعل عوامل الزمن وعدم وجود عمليات ترميم دورية. كما أن المنطقة المحيطة بالضريح تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة لاستقبال الزوار، مما يجعل الوصول إليه صعباً وغير مريح.
وقد أثار هذا الإهمال استياء السكان المحليين والمهتمين بالتراث، الذين يرون في الضريح جزءاً لا يتجزأ من هويتهم الثقافية والدينية. فبدلاً من أن يكون هذا الصرح التاريخي مصدر فخرٍ للجماعة، أصبح رمزاً للإهمال الذي يطال العديد من المعالم الأثرية في المغرب.
في ظل هذا الوضع، يطالب العديد من الناشطين والمهتمين بالتراث بضرورة تدخل الجهات المعنية لإنقاذ ضريح سيد السائح من الاندثار. فالحفاظ على هذا المعلم ليس مجرد مسألة ترميم جدران، بل هو حفاظ على ذاكرة شعبٍ وتراث أمة. يتطلب ذلك تخصيص ميزانيات كافية لعمليات الترميم، وإدراج الضريح ضمن قائمة التراث الوطني، والعمل على تسويقه كوجهة سياحية روحية وثقافية.
في النهاية، يظل ضريح سيد السائح شاهدًا على تاريخ زاخر بالمعتقدات والقصص التي توارثها الأجيال، لكن استمراريته مرهونة بمدى الوعي بأهميته والقدرة على التحرك لإنقاذه. فهل سيجد هذا المعلم من يعيد له مجده ويصونه من الاندثار.