الألباب المغربية/ محمد خلاف
الفاسدون لا يشبعون، وإلا لم تكن سمتهم النفاق والمكر، فالجشع إحدى الصفات القبيحة التي يتصف بها الكثير من بعض البشر بالمدينة، وتشمل هذه الخطايا العديد من النماذج البشرية السافلة …
قد تبدأ أحد خيوط الغدر والمكر من سماسرة الوثائق الإدارية والمعاملات المادية، وما يفرضه هؤلاء على المواطنين من أتاوات رهين تلاعبات ووساطة في الوثائق لتحقيق أرباح غير مشروعة، وقد يمارس بعضهم الغش والتصوير والتلاعب على ثقب القانون، والطمع الملازم لصاحبه قد يستدعيه إلى المتاجرة بالبشر وشؤونهم، والتدخلات المشبوهة في جميع الإدارات من خلال اصطياد عذابات فقراء أو مهاجرين بنية قضاء أغراض إدارية… وفي ليل الضمير الدامس ب”لاربعا” وحلكته نشأت عصابات نهب المال العام ،والاستيلاء على أراضي الأملاك المخزنية، وتشتيت الورثة، والوساطة في الوثائق المستعصية لدى زعيم لاربعا من رخص بناء،ورخص ربط،و…
الجشعون والطماعون يقتاتون من حياة المواطنين ودمائهم، وكم من قصص يتم تداولها ب”لاربعا”، وهم معروفون وكثر بالمدينة.. لأنه ليس هناك مشكلة فساد أو طمع متجدرة وأهلها بالمدينة… المشكلة في الزعيم الذي دفعهم دفعاً ليكونوا فاسدين. وبنظرة عن بعد نرى أن كل هذه التشابكات بالمدينة بما فيها بعض الإدارات العمومية، وإدارات الخدمات الإجتماعية، والتلاعبات الفوقية بسوق العقار والاستثمارات لا تخلو بدورها من سيطرة الجشع على أصحابها،،،لايعرفون أنه لا لباس اجمل من العافية ولا كنز أجمل من القناعة. فإذا ما انتقلنا إلى مستوى آخر من مدارك السرقة نجد أن الفساد في العديد من الميادين هو الوجه الآخر لذلك الطمع، الذي يستغل من خلاله أصحاب المناصب مناصبهم لتحقيق الثروات على حساب المواطنين يحدوهم في ذلك غدر لا يشبع، وحيث تتحول الأرقام الفلكية في حساباتهم إلى نمط اعتيادي لإضافة المزيد من الأرقام كلما سنحت الفرصة، وبذلك تتكامل الصورة في المدينة التي يعشعش فيها الفساد في حلقة تدور وتدور لتطحن في النهاية المواطن البسيط الذي لا يمتلك من أمره شيئا، وهو يرى كل شيء يسير بالمقلوب! فالقيم المادية حين تغطى تمتلئ آنيتها بالأنانية والأطماع والجشع، ولا يعود فيها مكان لأي قيم أخلاقية أو نزعات إنسانية، فهذه الصفات هي للفقراء والمسحوقين، أما أذكياء الجشع فيعرفون طوال الوقت من أين تؤكل الكتف، ويطورون أنفسهم وأساليبهم مع دورة الحياة ..
إنه الطمع الذي يحول كل مفردات الحياة بالمدينة، بل عذابات البشر وآلامهم إلى مادة ربحية فائضة، ولا يهتم بعدها إلى أين يسير هؤلاء السماسرة، أو إلى أين تتجه المدينة، فمصالح الجشع وأصحابها لهم الأولوية في كل المدينة! وفي بعض الإدارات …
في عنوان بارز إسمه (الكاميلة). والسؤال المحير من ينقذ المدينة من سماسرة الوثائق، والتدخلات؟ ما هو دور السلطات في زجر أصحاب الكاميلة؟ ومتى يفعل دور كاميرات المراقبة بالإدارات، و كذا الأرقام الخضراء للإطاحة بكل سمسار يتواطؤ ضدا على إرادة القانون؟وخير ختم قولة علي ابراهيم الموسوي “كل أشكال الطغيان بدأت بالسكوت عن خطأ بسيط، ثم كبُرَ هذا الخطأ وأصبح أخطاء عديدة تحولت في النهاية إلى طوفان من الظلم”.