المصطفى العياش
يقع دوار أولاد عثمان بجماعة اولاد يحيى لكراير، بتراب عمالة زاكورة وهو تابع لجهة درعة تافيلالت في الجنوب الشرقي للمملكة، وتحتضنه سلاسل من الواحات الخضراء، والجبال والسهول الصحراوية.
بالإضافة إلى الجواهر المعمارية من قصور وقصبات ضاربة في جذور التاريخ؛ فهناك الجانب الصحي المتمثل في العلاج بالرمال لمرضى الروماتيزم والمفاصل.
وفي هذا الإطار، يمكن أن نقف على منارة سياحية بامتياز ألا وهي قصبة القايد العربي بدوار اولاد عثمان وهي قصبة تعتبر من أعرق القصابات بإقليم زاكورة؛ وهاته القصبة تمتاز كذلك بمؤهلات سياحية مهمة، ولها صدى مهم إقليميا، جهويا، ووطنيا، ودوليا؛ ويمكن زيادة تحسين توظيفها خصوصا على مستوى الترميم وتوسيعها عمرانيا على شكل فندق مصنف لأن المغرب في حاجة ماسة لمثل هاته الفنادق وهو يستعد لتنظيم مونديال 2030 .
وهكذا، فإن التراث الثقافي الواحي بزاكورة في شقه المادي، يمثل كنزا ثمينا للتدخل التنموي، حيث يسمح باستغلال القصبات والقصور لحمايتها وإعطائها وظائف جديدة مثل متاحف الفن ومعارض بيع المنتجات المحلية.
إن هذا التراث المعماري الذي تختزنه واحات درعة، شهد خلال العقود الأخيرة تدهورا واضحا وسريعا، حيث بدأ يطاله الإهمال والنسيان بذريعة الحداثة وتطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية، إلى درجة أن هذا الوضع أصبح ينذر بمستقبل كارثي لما تبقى من المعمار المحلي.
وتختلف حدة ووتيرة هذا الإهمال من قصر إلى آخر، بفعل التقادم واكتساح المباني الإسمنتية لها، الشيء الذي جعل العديد منها يفقد ملامحه وهويته الأصلية وأصبح مهددا بالانهيار كليا أو جزئيا. نذكر منها انهيار كلي لمجموعة من القصور والقصبات، حيث أن العديد منها أصبح عبارة عن أطلال أو ركام من الأتربة أو انهيار جزئي لمجموعة من القصور والقصبات، نتيجة عدم إعادة بناء المباني المنهارة.
إن مراقبة هذا الإرث المادي المتنوع والمحافظة عليه يعتبر أحد أهمّ المبادئ للتنمية المستدامة مما يستوجب على الجهات المسؤولة تشجيع البحث والابتكار في مجال حماية التراث المادي بزاكورة، حيث لايزال البحث في هذا المجال مهمّشاً. ولا يقتصر الأمر على حماية هذه المفردات والعناصر التراثية المادية داخل المتاحف على أهميتها. بل يجب إدراج مجال التراث المادي ضمن مشاريع الأوراش المفتوحة بالإقليم. وبالتالي توفير مناصب شغل لحاملي الشواهد المعطلين. وفي نفس الآن فتح مجال البحث والاستثمار في هذا القطاع، وذلك بالعمل على رقمنة كافة المآثر التاريخية والنقوش الصخرية بالإقليم، والعمل على تسويقها داخليا وخارجيا، بعد توظيفها وإدماجها في المخططات والاستراتجيات، وذلك بهدف تطوير وتنويع منتوج السياحة الثقافية التي أضحت لا مناص منها عبر استثمار الوسائل التكنولوجية الحديثة من أجل نشر هذا التراث خدمة لأهداف التنموية، وهنا، يستوجب التفكير في إعادة ترميمها وتهيئتها، و لما لا التفكير في تعميرها من جديد.
من بين الحلول للخروج من الأزمة السياحية بالمنطقة، تفعيل سياسة اشهارية وتواصلية مندمجة تستهدف المنتوج السياحي بالمنطقة، وأن لا تبقى المنطقة تعتبر فقط مكمل لمراكش وأكادير، لأنها أصبحت تتوفر على منتوج خاص يتمثل في السياحة الواحية التي تساهم في استكشاف الحضارات المتراكمة عبر التاريخ باعتبارها منبعا للحياة، والسياحة الصحراوية بجانبيها الطبيعي والثقافي بشقه المادي واللامادي.
بالإضافة إلى هذه المعطيات الطبيعية لدوار اولاد عثمان فإنه يزخر بقرية سياحية يسهر على تسييرها حفيد القايد العربي السيد حسن العتماني، الذي يسعى دائما لتطويرها حتى ترقى إلى مصاف القريات السياحية الكبيرة المتنوعة، وكذلك سعيه للحفاظ على هاته الموروثات كمنتوج سياحي للمساهمة في خلق فرص للشغل.