الألباب المغربية/ ياسين بالكجدي – خريبكة
بات المواطن الخريبكي يعيش حالة من القلق المتزايد حول مستقبل مدينته السياسي، بعدما أصبحت السياسة في نظر الكثيرين مجرد وسيلة للوصول إلى مصالح شخصية، دون اكتراث حقيقي بحاجيات المدينة ومتطلبات سكانها. فخريبكة، العاصمة العالمية للفوسفاط، كانت في زمن ليس ببعيد نموذجاً يحتذى به في مجالات عديدة، إلا أنها اليوم تعيش على وقع تراجع واضح يثير مخاوف الجميع. المشاريع الكبرى التي انتظرها المواطنون طويلاً، مثل المحطة الطرقية والمسبح البلدي، لا تزال تراوح مكانها، نتيجة تعقيدات قانونية وإدارية خلفها المجلس السابق الذي كان يقوده حزب العدالة والتنمية. هذه الإشكاليات القانونية أصبحت عبئاً على المجلس الحالي الذي يجد نفسه أمام تحدي تصحيح الأخطاء القديمة واستكمال المشاريع وفق شروط قانونية معقدة تتطلب وقتاً وجهداً إضافيين.
من جهة أخرى، يرى العديد من المواطنين أن المدينة لم تعد تحظى بالاهتمام الكافي على مستوى تحسين بنيتها التحتية ومرافقها العمومية، حيث باتت بعض الشوارع في حالة متردية تفتقر إلى الصيانة والتطوير. كما أن غياب هوية بصرية موحدة، مثل لون واجهات المنازل الذي يمكن أن يربط المدينة بمكانتها كعاصمة للفوسفاط، زاد من الإحساس بغياب رؤية واضحة لتطوير المجال الحضري. خريبكة التي كانت تتنافس في تسعينيات القرن الماضي مع مدينة إفران على لقب أنقى مدينة في المغرب، أصبحت اليوم بعيدة عن ذلك بسبب الإهمال وغياب التدبير الناجع.
ورغم هذا الواقع الذي يثير الكثير من الاستياء، إلا أن المجمع الشريف للفوسفاط يظل نقطة الضوء التي تبعث بعض الأمل في نفوس الساكنة. فالمجمع، بقيادة مديره الحالي، نجح في إحداث تغييرات ملموسة داخل الأحياء التابعة له، حيث شهدت هذه الأخيرة تحسينات كبيرة على مستوى البنية التحتية والفضاءات الخضراء، مما وفر للعائلات أماكن ترفيهية مناسبة. هذا النهج التنموي الذي يتبناه المجمع، جعل منه الفاعل الأساسي والمحرك الوحيد لعجلة التنمية في المدينة، بينما بقيت المجالس المنتخبة عاجزة عن مواكبة تطلعات المواطنين.
ومع اقتراب كل استحقاق انتخابي، يتجدد السؤال حول قدرة المواطن الخريبكي على إحداث تغيير حقيقي من خلال اختيار ممثلين أكفاء قادرين على تحقيق التنمية المنشودة. فالانتقاد والتذمر وحدهما لا يكفيان لتحسين الأوضاع، بل يتطلب الأمر وعياً سياسياً جديداً، يجعل من صوت المواطن أداة حقيقية للتغيير. فإلى متى سيظل المواطن يكرر الأخطاء ذاتها، دون أن يساءل نفسه عن دوره الأساسي في رسم مستقبل مدينته؟