الألباب المغربية/ ياسين بالكجدي
في السنوات الأخيرة، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ساحة لعرض اللحظات الخاصة، حتى تلك التي يفترض أن تكون روحانية بامتياز. ولعل واحدة من أكثر الظواهر المثيرة للجدل هي انتشار الصور ومقاطع البث المباشر من داخل بيت الله الحرام أثناء أداء مناسك العمرة والحج. فبدلًا من التفرغ للعبادة والتضرع، أصبح البعض منشغلًا بتوثيق كل لحظة، بحثًا عن التفاعل والإعجابات، ما يحوّل هذه الرحلة الروحانية إلى مجرد محتوى رقمي يُستهلك من قبل المتابعين.
المشكلة لا تكمن فقط في التقاط الصور، ولكن في الدافع وراءها. حين يصبح الهمّ الأول هو إظهار التقوى أمام الآخرين بدلًا من العيش الحقيقي للحظة، يفقد الفعل قيمته الروحانية. الدعاء أمام الكعبة المشرفة، لحظة يفترض أن تكون من أكثر اللحظات صدقًا بين العبد وربه، صار مشهدًا مفتعلًا أمام الكاميرا، حيث تُضبط الزوايا وتُعاد اللقطات لضمان أفضل صورة ممكنة، وكأن الأمر أشبه بجلسة تصوير شخصية أكثر منه موقفًا إيمانيًا خالصًا.
التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة تمتد إلى عمق التجربة الدينية ذاتها. فاستعمال الهاتف والانشغال بمواقع التواصل الاجتماعي.