الألباب المغربية
(*) مصطفى طه
ظاهرة السرقات والتهديدات والاعتداءات بالسلاح الأبيض، ليست وليدة الساعة، بل هي متعارف عليها من قبل الشارع المغربي ب”الكريساج”، ولكن ما جعلها تطفو إلى السطح هو انشار فيديوهات توثق بالصوت والصورة، ظاهرة السرقة والأذى التي يتعرض لها مواطنون عزل أمام أعين المارة.
إلى حدود الآن لا تزال جرائم “الكريساج”، تمثل كابوسا يوميا مخيفا بالنسبة إلى ملايين المغاربة، الذين يتعين عليهم أن يمارسوا رقابة مسبقة على توقيت وخارطة تنقلاتهم، حتى لا يصبحوا بدورهم ضحايا لآلاف المنحرفين والمجرمين، الذين يتلذذون برسم “توقيعاتهم” الدامية على وجوه الأبرياء أو قتلهم في بعض الأحيان بدم بارد في حال إبدائهم نوعا من المقاومة.
علاقة بالموضوع، فقد تبادل نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية، فيديوهات توثق بالصوت والصورة، لحظات اعتداءات جسمانية ولفظية على عناصر من الأمن، سواء خلال تنظيم حركة السير والجولان، أو سواء أثناء تدخلات ميدانية لإنهاء الشجارات وضبط المخالفات.
الشيء الذي يثير القلق، أن العديد من هذه الوقائع حدثت في وضح النهار وأمام الملأ، ما يظهر حجم الجرأة والاستخفاف بسلطة القانون، ويطرح تساؤلات عن أسباب هذا التمرد على ممثلي الدولة.
أعاد جريمة القرب إلى الواجهة، وكشف مدى تأثير مثل هذه الجرائم على إحساس المغاربة بالأمان.
إعادة تمثيل مثل هكذا الجرائم، بغض النظر عن هذا الإجراء في حد ذاته، عوض أن تبث للرأي العام رسالة طمأنة ذات مفعول مؤقت، كرست الانطباع السائد لدى المغاربة بأن “الحاضي الله” بعد أن تحولت السرقات تحت التهديد إلى وباء معد يمكن أن يقع في كل مكان وفي أي وقت، بل صارت وسيلة مفضلة لدى شريحة مهمة لإثبات الذات، وتصفية الحساب مع المجتمع، بوحشية وعدوانية، صرنا نتقاسمها جميعا بجرعات مختلفة.
في بلد يعاقب فيه سارق “صندلة ميكة” بسنة نافذة، ومغتصبو الأطفال بوقف التنفيذ، صار مطلوبا اليوم وبإلحاح، تشديد العقوبات على حمل الأسلحة البيضاء . كما صار لزاما تجسيد دور الردع والزجر، الذي تمثله العقوبات من خلال جعل السجون محطة للتكفير عن الجرائم المرتكبة، وفرصة لاكتساب القدرة على الاندماج، بعد التخلص من جينات البلطجة، والعربدة، وسفك الدماء، وترويع الناس، لا فترة عطلة للراحة، والاستشفاء، والأكل ب”التريتورات”، على حساب المغاربة، قبل العودة من جديد للبحث عن ضحايا آخرين، في دوامة ربما لا يراد لها أن تنتهي..
حري بالذكر، وأمام هذه المشاهد الإجرامية، طالب هؤلاء النشطاء، بضرورة تشديد العقوبات على حمل واستخدام السلاح الأبيض في الاعتداءات، بحيث يعتبرون أن جسامته لا تقل عن حمل السلاح الناري في بعض الحالات.
كما طالبوا بتعديل القانون الجنائي، ليحوي إجراءات أشد على حمل السلاح الأبيض بدون مبرر مشروع، مع معاقبة المتورطين في جرائم باستخدامه بعقوبات تصل إلى السجن لسنوات طويلة، مع الرفع من العقوبة في حالة العود.
(*) سكرتير التحرير