الألباب المغربية
(*) مصطفى طه
تعتمد السياسة، على الأسس الديمقراطية الحقيقية، وعلى قيم وطريقة الأخذ والعطاء، وعلى الاحترام المتبادل، وعلى قبول الآخر والعيش معه بسلام، وعلى التشارك المجتمعي العادل، في الثروات المادية والمعنوية، والخيرات.
عندما لا توجد حياة سياسية بمعنى الكلمة، فإن فراغا كبيرا سيعرفه المجتمع، عند حصول الفراغ السياسي الحقيقي في الحياة المجتمعية، تقع الكارثة، ويتسلل السياسي النكرة الانتهازي، لتحقيق مصالحه الذاتية.
هذا السيناريو الغير المقبول محليا، هو الذي نراه يحدث في الحياة السياسية داخل ورزازات، هناك جانب آخر أريد أن أبرزه، ألا وهو أن هؤلاء الانتهازيون، ينهجون طرق مختلفة في خطاباتهم، مع التصنع في الأخلاق، والمبادئ، والقيم، وحبهم للمدينة، هذا النهج السلبي، يرغم النخب السياسية الحقيقية، الانزواء، والرجوع الى الخلف.
وفي ذات السياق، السياسية كحقل، تحتاج من يلج بابها، بعض الصفات المميزة التي تمكن السياسي من أداء عمله، في هذا المجال الذي يتحكم ربما بمصير مدينة، أبرز هذه الميزات الحكمة والحنكة، فضلا عن شهادة معتبرة توسع مداركه، تجربة سياسية ممكن أن يسوق نفسه من خلالها، قدرة على الحوار، إمكانية على احتواء الخصم، وغيرها من الأمور التي تعد من مقومات الشخص السياسي الحقيقي.
وفي هذا الصدد، ورزازات خلال هذه الولاية ابتليت بنماذج نكرة، لا تمتلك أي من المؤهلات أعلاه، تصدت للعمل السياسي في غفلة من الزمن، أما عن طريق علاقة مع أحد الشخصيات النافذة، أو عن طريق الدكاكين التي افتتحت للعمل السياسي، بعنوان أحزاب لغرض الحصول على المكتسبات التي يوفرها العمل السياسي، لهكذا انتهازيو فرص المصالح الشخصية ، وتجار الأزمات، جوقة من المهرجين (أشباه السياسيين)، هؤلاء الوجوه الكارتونية المجهولة الجذور والانتماء، لا يجيدون إلا العزف على وتر الانتقاد والتسقيط، لا يخجلون من أي عمل يقربهم من ابتزاز الطرف الآخر، هاته الأنانية هي الصخرة التي تتفتت عليها أقوى المبادئ والمُثل العليا، إذ باتت المصلحة الشخصية أشباه السياسيين المنفعة الشخصية على حساب الساكنة المحلية، وعلى أيا كان فالمهم مصلحتهم الشخصية، بالطبيعة هؤلاء النكرات أصحاب مصالح ذاتية، لا يكتفون بممارسة سياساتهم الفاشلة، وتقديم مآربهم الأنانية، على المصلحة العامة في الكواليس، بل ينهجون سياسة الكذب والنفاق، وهي صورة ترسخت في أذهان الرأي العام المحلي، هذا من جهة.
من جهة أخرى، عندما يعتكف السياسي الحقيقي في الزاوية، وتغيب الأفكار السياسية الواقعية الكبرى، وتصبح مشاكل مدينة ورزازات، يستهزأ بها، فإن فراغا سياسيا سيقع، ويملأه المتطفلون والنكرات المشهد، الذين لا يحتكمون إلا إلى السياسات المجانية، والصراعات الضيقة، لا يهمهم أن تعيش الساكنة المحلية، في الفقر، والبطالة، والأمية، والتهميش، والاقصاء، والتمييز الاجتماعي، والتأخر التنموية والنهضوي في الأقطاب الأساسية الاجتماعية والاقتصادية، بصفة عامة.
في هذه الحالات، يسمح لهؤلاء الانتهازيون، باتخاذ خطوات لا مسؤولة ، يدفع ثمنها الورزازي المغلوب على أمره. فثمن غياب السياسة الحقيقية النبيلة الصادقة، يخلق دائرة فارغة، ويفتح المجال لتغلغل وانتشار هؤلاء الانتهازيين في المشهد السياسي المحلي.
وأختم مقالتي هاته بمقولة فيلسوف عصر التنوير “إيمانويل كانط”، وهي رسالة مباشرة لبعض أعضاء المجلس الجماعي لورزازات: “عندما تكذب علي، فأنت تعاملني كشيء يتم التلاعب به لتحقيق أغراضك أو تعاملني كوسيلة أو أداة وليس كشخص يتمتع بمكانة أخلاقية مساوية لمكانتك“.
(*) سكرتير التحرير.