الألباب المغربية/ ياسين بالكجدي
لطالما شكل المجمع الشريف للفوسفاط (OCP) الدعامة الأساسية لتنمية إقليم خريبكة، حيث لم يقتصر دوره على الجانب الاقتصادي والتشغيلي فقط، بل امتد ليشمل جوانب اجتماعية وتنموية جعلته “الدار الكبيرة” التي تحتضن مختلف شرائح المجتمع المدني بدون أي زبونية أو تمييز.
- دور المجمع الشريف للفوسفاط في دعم المجتمع المدني
لم يدخر المجمع جهداً في دعم الجمعيات والأنشطة الاجتماعية والثقافية، من خلال مبادراته المتعددة التي تسعى إلى تحسين مستوى العيش للمواطنين، ودعم المشاريع التنموية التي تستهدف الشباب، المرأة والقطاعات الحيوية كالصحة والتعليم والرياضة. مبادرات مثل “Act4Community” خير مثال على انخراط المجمع في تعزيز التنمية المحلية بشكل مباشر ومستدام، عبر تقديم دعم ملموس لجمعيات المجتمع المدني دون محاباة أو تفضيل لأي جهة.
وعلى الرغم من هذا الحضور القوي للمجمع، تبقى الهيئات السياسية بمختلف توجهاتها غائبة أو مغيبة عن الساحة، مما يطرح تساؤلات مشروعة حول مدى قيامها بأدوارها في الدفاع عن مصالح المواطنين، والتفاعل مع تطلعاتهم ومشاكلهم اليومية.
- غياب الفاعل السياسي… الفراغ الذي يملأه المجمع الشريف للفوسفاط
في الوقت الذي يُنتظر فيه من الهيئات السياسية القيام بأدوارها الأساسية في الترافع عن قضايا السكان، وتقديم حلول مبتكرة لمشاكل البطالة، الصحة، البنية التحتية، وغيرها من الإشكالات، يبدو المشهد مغايراً؛ حيث تراجعت هذه الهيئات إلى الظل، تاركة المجال أمام المجمع الشريف للفوسفاط ليصبح المرجع الوحيد في المنطقة.
هذا الوضع يطرح عدة تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين المجتمع المدني والهيئات المنتخبة، وما إذا كانت الأخيرة قد تنازلت عن مسؤولياتها لصالح مؤسسة اقتصادية، مهما بلغت نواياها الإيجابية. فالأحزاب السياسية والنقابات المحلية أصبحت شبه غائبة عن المشهد الميداني، مكتفية بالحضور المناسباتي أو بالتفاعل في حدود ضيقة، ما أدى إلى تآكل الثقة الشعبية بها، وفتح المجال أمام المبادرات التنموية التي يقودها المجمع ليكون الحاضر الوحيد في معادلة التنمية.
- المجمع الشريف للفوسفاط بين المسؤولية المجتمعية والتحديات المستقبلية
في ظل هذا الواقع، يظل السؤال المطروح هو إلى متى سيستمر المجمع الشريف للفوسفاط في لعب هذا الدور الاجتماعي؟ وهل يمكن أن تكون التنمية المستدامة شراكة حقيقية بين الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين بدل الاعتماد على طرف واحد فقط؟
ختاماً، يظل المجمع الشريف للفوسفاط نموذجاً في المسؤولية الاجتماعية، لكنه في الوقت نفسه ليس بديلاً عن المؤسسات المنتخبة التي يجب أن تتحمل مسؤولياتها الكاملة في التفاعل مع حاجيات المواطن والتخطيط لمستقبل المنطقة بعيداً عن الارتكاز على طرف وحيد.