عبد الإله زهيري/ وادي زم
بعد سلسلة من المذكرات التي أصدرها مجلس المجتمع المدني لتتبع تدبير الشأن المحلي والتي أشارت وركزت على أن مراكز الخصاص في الرؤية البنيوية للمدينة خلال الولايات السابقة والتي أثبتت بالملموس أنها أخفقت في خلق تنمية بالمدينة وأكدت كما أكد الجميع ولاحظ الوافدون والزوار أن مدينة الشهداء أصبحت اسم على مسمى وتراجعت بنسبة جعلت من جميع الشركاء بالفعل الاجتماعي مجرد أداة تستثمر لتأثيث المشهد العام وإنتاج الصور للاستهلاك الخارجي، لتنتهي القصة بتوصيات في سلة النفايات هذا المصطلح الذي أصبح يشكل لدى ساكنة وادي زم حلم مزعج وضع أصفادا من فولاذ على ميزانية الجماعة التي وقع لها ما وقع للطبقة المتوسطة بالبلاد عموما، فسقطت بین مطرقة أغلى سوق أسبوعي في العالم موقوف التنفيذ وسندات صفقة النفايات تتساءل عن كيفية إنقاذ المدينة من هذه الورطة بعد تغيير السلطة السياسية التي غالبا ما حملت معها مالا يعلمه أحد ومن يعلم فقد تكون بعض المفاتيح الرئيسية للمعضلة لم تسلم أو لازالت خارج أسوار مسؤولية الجماعة. كلها معطيات طفت للسطح بشكل واضح بعث في نفوس سكان المدينة نفور عام ورغبة ملحة للهروب منها لولا حنين ترابها الدافئ.
ففي استحضار بسيط لآخر موسم للتشغيل وجدناه سنة 2011 وهي مدة كافية للانتقال من الطفولة إلى مرحلة شباب جاهز لتحمل المسؤولية بعدما تكون وحصل على شواهد ودبلومات دون جدوى.
ليس الشباب الجاهز للعمل من يعيش المحن فقط، بل هناك فئة سبقتهم بسنوات أرادت أن تدخل غمار المقاولة الذاتية من الصغر إلى الكبر فكبر أصحابها وظلت مقاولتهم صغيرة بفعل واقع لا يرحم. فمنهم من ظل ينتظر الفرج ومنهم من أصبحت أمنيته التخلص من ضرائب على دخل افتراضي لم ير منه سنتيما، نسأل الالتفاتة لهذه الفئة بشكل جاد فقد تتحرك مركبتهم وتحرك معها عجلة التشغيل وثقافة الأعمال الحرة بدل أن يصبح لدى شبابنا يأس قناعات البحث عن العيش الكريم عبر قوارب الموت لتزيد المدينة من تقديم التضحية بعد الأجداد عن البلاد إلى الأحفاد عن حق العيش الكريم وهذا ليس عدلا..
وفي سياق موازي، استبشرنا خيرا حين وضع صاحب الجلالة نصره الله تدبير المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بين يدي السلطات الإدارية بعدما كانت تحت إمرة السلطة السياسية التي غيرت أهدافها الموجهة للصالح العام، وانتظرنا أن تنعكس المبالغ المالية الضخمة المرصودة على واقع مدينتنا للأسف لم نر سوى الصور تتطاير بين صفحات الهواء وبرامج تفتقد للجدية في خلق تنمية حقيقية يمكنها الرفع من مستوى العيش الكريم وخلق فرص الشغل مما يفسح المجال للتساؤل عن السبب…؟
هل هو غياب الثقافة الإبداعية فينا كمجتمع مدني؟ أم أن مشاريعنا الاجتماعية لا تهم هذا البرنامج..؟ الذي نظن أن هناك سوء فهم معين وتحديدا على مستوى قراءة القاعدة القانونية المتعلقة بالرفض..؟ فالإرادة للتنمية لا تؤمن بالرفض بل بالتحيين والتكوين ومساعدة المشاريع الهادفة ومواكبتها إلى أن تظهر المعالم على أرض الواقع، هذا الجدل الذي يحيلنا على التساؤل حول سبب إقصاءات متتالية لمدينة وادي زم من البرامج الإقليمية سواء منها المدعمة من وزارة الثقافة أو تلك للمكتب الشريف للفوسفاط وشركاءه أو تلك الجمعية المحظوظة “اكت فور كومينيتي” ذات الاسم الأمريكي للأسف لم نر فيه ثقافة أمريكا الاجتماعية. فقد نست أو تناست هذه الجمعية أنها تتصرف في ميزانية مرصودة للمجتمع المدني عبر مجال إقليمي ولازلنا ننتظر نصيب مدينة الشهداء عبر مشاريع حقيقية مع جميع جمعيات المجتمع المدني بالمدينة حتى لا نسحب الثقة منها ونتوجه مباشرة للمكتب الشريف للفوسفاط وهذا حق الانتماء الترابي والمكتب مصنف على المستوى العالمي من حيث العائدات.
كلها قضايا انعكست سلبا على مدينة ماضيها أجمل بكثير من حاضرها في صورة عكسية للبرامج الملكية السامية والنداءات المولوية التي ما فتئت توصي خيرا بالرعايا الأوفياء، فهل من رعايا أوفياء أكثر ممن دفعوا أرواحهم في سبيل الوطن يستحقون عناية خاصة تظهر على حياة أحفاد حرموا من أجدادهم في سبيل الوطن، فهل يستحضر كل مسؤول له علاقة إدارية بهذه المدينة هذه التضحيات الجسام والإقرار بها عمليا بتقارير صريحة تعكس الصورة الحقيقية للوضعية الهشة التي أنتجت فئات متطاحنة في حرب سخط بطعم التمرد عن احترام القوانين.
فالباعة المتجولون وعدد موتی قوارب الموت والجوطيات والعربات المجرورة المتـزايـدة بشكل مخيف، هي فئات أنتجها ضعف حقيقي لرؤية استباقية تأخذ بعين الإعتبار تكييف البرامج ذات النفع العام واحتياجات الساكنة من شغل وسكن لائق وحق في العيش الكريم….
فاضطرت لاحتلال الملك العمومي والطريق العمومي فطال الضرر فئة مجتمعية تعاني من هذا السخط في غياب محاولات جادة لتنظيم الوضع بطريقة موضوعية تحفظ لجميع الفئات حقوقها الاجتماعية.
فمجلس المجتمع المدني لتتبع الشأن المحلي وهو يدق ناقوس الخطر حول وضعية المدينة المرئية بالعين المجردة يعلن ما يلي:
- دعوة كل فعاليات المجتمع المدني إلى جعل مصلحة المدينة فوق كل اعتبار والحفاظ على موضوعية تتبع القضايا المتعلقة بمصلحة المدينة.
- يعبر عن قلقه من استمرار غياب أو تغییب فرص الشغل سواء الوطنية أو الإقليمية والغموض الذي يحوم حول سبب توقف مكتب الشريف للفوسفاط عن تخصيص مناصب شغل سنوية لأبناء المدينة.
- سيتم مراسلة كل مصلحة على حدة تحت إشراف عامل الإقليم مع وضع مقترحات قابلة للتنفيذ ولا مجال لصم الأذان فقد رن ناقوس الخطر ولا مجال للمزيد من التجاهل.
- يعبر عن قلقه من غياب تفسيرات مقنعة من طرف المعنيين الحقيقيين بتوقف المشاريع ذات الملايير مع التساؤل ما إذا كان لهذا التوقف أيادي خارجية في ظل سکوت غامض وتوقف لعقارب ساعة وادي زم.
- يدعو السلطة المحلية إلى تحمل مسؤوليتها لتنظيم الباعة المتجولين وخصوصا بزنقة سوق الإثنين بشكل يحفظ للسكان والباعة المتجولين والمارة ودافعي الضرائب حقوقهم في توازن تام حتى لا نزيد طينة توقف المشاريع بلة ترك دار لقمان على حالها.
- ينبه عموم المسؤولين أن مصداقية التنظيم بالمدينة تستدعي البدء بتحرير الطريق العمومي واحترام النظام العام وعدم التساهل مع الظواهر المضرة بالفرد والمجتمع.
وحتى لا نكون ممن يتكلم على الهواء فقط، ولأن المراسلة تؤسس الأثر القانوني في تدبير العلاقة مع الإدارات، فقد خلص مجلس المجتمع المدني إلى ضرورة مراسلة الجهات المسؤولة وطنيا وجهويا وإقليميا مع وضع مقترحات بناءة قابلة للتنفيذ بهدف الخروج من النمطية التي أضحت غير مقبولة.