الألباب المغربية/ سعيد موزك
تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، نظم المركز الوطني محمد السادس للمعاقين المنتدى الوطني السادس عشر للإعاقة، وذلك من 08 إلى 11 أبريل 2025 بمقر المركز في سلا الجديدة، ويأتي هذا الحدث في إطار الاحتفاء باليوم الوطني للإعاقة الذي يصادف 30 مارس من كل سنة، وهو مناسبة لتقييم التقدم المحرز في تعزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة. يهدف المنتدى إلى تسليط الضوء على أهمية حماية هذه الفئة وضمان حقوقهم الأساسية في مجالات التشغيل، الصحة، التعليم، والولوجيات، مما يضمن لهم عيشا كريما يحترم حقوقهم كرامتهم.
في إطار تعزيز الوعي بقضايا الإعاقة، حضر ماستر سيكولوجيا الإعاقة بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، الذي تنسقه الدكتورة عتيقة بونو، فعاليات المنتدى الوطني السادس عشر للإعاقة. تأتي هذه المشاركة استجابة لدعوة المركز الوطني محمد السادس للمعاقين، مما يعكس التزام البرنامج الأكاديمي بالمساهمة في النقاشات الهامة حول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتحدياتهم..
ومنذ عام 2008، دأب المركز الوطني محمد السادس للمعاقين وفروعه الجهوية على تنظيم فعاليات احتفالية تتضمن منتدى علميا وثقافيا ورياضيا، موجها للأشخاص في وضعية إعاقة وأسرهم، إلى جانب الجمعيات والمهنيين العاملين في هذا المجال.
تحت شعار “الإعلام والإعاقة: الواقع والتحديات”، يهدف المنتدى هذا العام إلى تناول القضايا ذات الأولوية التي تعزز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة في المغرب، تمكن المشاركون من مناقشة التحديات والفرص المتاحة، كما حظيت هذه النسخة بتغطية إعلامية مكثفة من وسائل الإعلام الوطنية.
والذي ترأسه كل من الوزيرة نعيمة بن يحي وكاتب الدولة عبدالجبار الراشدي، ويعد هذا المنتدى فرصة لجمع مختلف الفاعلين من القطاعين الحكومي والخاص، والمنظمات غير الحكومية، والخبراء الدوليين، والجامعيين، والمجتمع المدني، بهدف تعزيز الإدماج الاجتماعي لهذه الفئة، ويعكس اختيار موضوع “الإعلام والإعاقة” الدور الجوهري الذي تضطلع به وسائل الإعلام في تحقيق هذا الهدف، لاسيما في ضوء مقتضيات الدستور المغربي ومبادئ حقوق الإنسان.
أكد محمد فكرات، رئيس مجلس إدارة المركز الوطني محمد السادس للمعاقين، أن الملك محمد السادس، منذ توليه العرش، لم يدخر جهدا في إطلاق مبادرات اجتماعية تهدف إلى محاربة الفقر والهشاشة، وتشجيع كل ما من شأنه الحفاظ على كرامة المواطنين.
وأشار فكرات إلى أن مؤسسة محمد الخامس للتضامن قد لعبت دوراً محورياً في تعزيز الجانب الاجتماعي ومكافحة جميع أشكال الفقر والتهميش، من خلال برامج دعم اجتماعي واقتصادي تستهدف فئة الأشخاص في وضعية إعاقة، التي تحظى باهتمام ملكي خاص.
وشدد فكرات على أن المركز الوطني محمد السادس للمعاقين يمثل أداة فعالة في تعزيز الجهود المبذولة من قبل المجتمع المدني، بدعم متميز من المؤسسات الحكومية، في مجال الإدماج الاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة. كما نوه بالدور البارز الذي تضطلع به الجماعات الترابية والقطاع الخاص في دعم هذه الفئة.
واعتبر فكرات أن المركز يشكل مرجعية وطنية في مجال الاهتمام بالإعاقة، من خلال مواكبة الأشخاص ذوي الإعاقة، وتعزيز البحث العلمي، وتبادل الخبرات الناجحة، ونمذجتها على الصعيدين الوطني والدولي، لتحقيق التكامل بين البرامج المعتمدة.
من جانبه، أكد مصطفى المسعودي، الكاتب العام لقطاع الشباب بوزارة الشباب والثقافة والتواصل، أن المنتدى يمثل مناسبة إنسانية واجتماعية تهدف إلى استعراض الإنجازات في دعم حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة. وأشار إلى الدعم الذي تقدمه الوزارة للشباب المغربي، بما في ذلك هذه الفئة.
وأضاف المسعودي، في كلمة ألقاها نيابة عن وزير الثقافة والشباب والتواصل، أن دستور المملكة ينص على حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة وضرورة إدماجهم في الحياة الاجتماعية، وهو ما يسعى المغرب لتحقيقه واقعياً. وأكد أن الوزارة ملتزمة بدعم هؤلاء الأشخاص، من خلال العمل على تهيئة بيئة شبابية دامجة تعزز مشاركتهم الثقافية.
كما ذكر بالتدابير التي تتخذها الوزارة لتشجيع هذه الفئة، بما في ذلك فتح المؤسسات الثقافية والشبابية أمام الجمعيات المعنية بالأشخاص في وضعية إعاقة، ومنحهم الفرصة للمشاركة في فعاليات البرنامج الوطني للتخييم والأنشطة الثقافية المتنوعة.
ومن جهة أخرى أبرزت ماري لويز أبومو، المفوضة ورئيسة فريق العمل المعني بحقوق الأشخاص المسنين والأشخاص في وضعية إعاقة في إفريقيا، اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (CADHP). في عرضها قضية ضعف تمثيل الأشخاص في وضعية إعاقة في وسائل الإعلام، مقترحة استراتيجية شاملة لتعزيز حقوقهم وضمان حضورهم الإعلامي بشكل عادل.
أظهرت التحليلات أن وسائل الإعلام تلعب دورًا محوريًا في تشكيل التصورات حول الإعاقة، لكن التمثيل غالبًا ما يكون منحازًا. إما أن يغيب الأشخاص في وضعية إعاقة عن المشهد الإعلامي، أو يتم تقديمهم في صور نمطية قائمة على الشفقة. لذا، من الضروري إعادة التفكير في الخطاب الإعلامي عبر مقاربة دامجة تضمن تمثيلًا منصفًا يعكس واقعهم دون تحريف.
أبرزت أبومو أيضا مسألة إمكانية وصول الأشخاص في وضعية إعاقة إلى المعلومات، مؤكدة على ضرورة تكيف المضامين الإعلامية مع مختلف أنواع الإعاقات. يجب توفير الترجمة إلى لغة الإشارة، والترجمة النصية الفورية، والوصف الصوتي، والصيغ المبسطة للقراءة لضمان المساواة في النفاذ إلى المعلومات.
علاوة على ذلك، ينبغي تمكين الأشخاص في وضعية إعاقة من الانخراط في المهن الصحفية والإعلامية، من خلال تيسير فرص تكوينهم وتوظيفهم في المؤسسات الإعلامية، مع تعزيز المبادرات القائمة في هذا المجال.
قدمت أبومو توصيات موجهة إلى وسائل الإعلام والمؤسسات العمومية وصناع القرار، تشمل تحسيس الإعلاميين بقضايا الإعاقة، واعتماد ميثاق أخلاقي لضمان تمثيل عادل وغير تمييزي، وتعزيز التعاون مع الجمعيات المدافعة عن حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة.
والهدف هو ضمان تغطية إعلامية عادلة وشاملة تحترم كرامة الأشخاص في وضعية إعاقة، وتساهم في إدماجهم الكامل داخل المجتمع.
وتم تناول موضوع بالغ الأهمية يتعلق بإعداد ميثاق يهدف إلى تحسين صورة الأشخاص في وضعية إعاقة في الإعلام المغربي. بمداخلة متميزة للدكتور عبد المالك أصريح، الخبير في مجال الإعاقة، وأستاذ ماستر سيكولوجيا الإعاقة بجامعة ابن طفيل، الذي يتمتع بخبرة واسعة في الدفاع عن حقوق هذه الفئة.
يشغل الدكتور أصريح منصب منسق لجنة القيادة لأرضية التنسيق الوطنية للشبكات والجمعيات العاملة في مجال الإعاقة، وهو أيضًا المنسق الوطني لشبكة “ممر معلومة، مشاركة ورقمنة”، التي تسعى لتعزيز الولوج الرقمي والإدماج المجتمعي. وقد شغل سابقًا منصب رئيس جمعية الحمامة البيضاء لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، ولا يزال عضوًا فعالًا في مكتبها التنفيذي، حيث ساهم في إعداد مشاريع ومقترحات تهدف إلى تعزيز إدماج هذه الفئة في المجتمع.
خلال مداخلته، أكد الدكتور أصريح على أهمية الميثاق المقترح لتحسين صورة الأشخاص في وضعية إعاقة، مشيرا إلى ضرورة وضع إطار مرجعي يُحدد المبادئ والممارسات الإعلامية التي تضمن تقديم صورة عادلة ومنصفة لهذه الفئة. كما أشار إلى دور الميثاق في تعزيز الشمولية والمساواة داخل المحتوى الإعلامي، مع تجنب الصور النمطية والخطابات الإحسانية التي قد تؤثر سلبًا على تمثيل الأشخاص في وضعية إعاقة.
وتناول الدكتور أصريح دور الدينامية المدنية في دعم هذا الميثاق، مشددًا على أهمية الحراك الحقوقي ومنظمات المجتمع المدني في الدفع نحو تبني هذا الميثاق ضمن المشهد الإعلامي. كما تم تسليط الضوء على جهود المجتمع المدني في تحفيز النقاش العمومي حول حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، ودور هذه الجهود في توجيه الإعلاميين نحو تبني مقاربات مهنية تراعي خصوصيات هذه الفئة.
ولفت المتحدث إلى أهمية التعاون بين القطاعات المعنية لإخراج الميثاق الإعلامي إلى حيز التنفيذ، موضحا الحاجة إلى تنسيق الجهود بين الإعلام والتربية والصحة وقطاع التضامن الاجتماعي، لضمان وضع ميثاق متكامل وملزم. كما تناول دور المؤسسات الحكومية والهيئات الإعلامية في توفير بيئة مواتية لاعتماد هذا الميثاق، مؤكدًا على أهمية الشراكات بين مختلف الفاعلين لتعزيز الإعلام الدامج وضمان استدامة الممارسات الإعلامية العادلة.
في الختام، استعرض الدكتور أصريح التجربة التنسيقية الحالية في تحسين صورة الأشخاص في وضعية إعاقة، مشيرا إلى نماذج التعاون القائمة بين وزارة الثقافة والشباب والتواصل ومنظمات المجتمع المدني والهيئات الإعلامية، بهدف تحسين التغطية الإعلامية لقضايا الإعاقة. كما تم تقييم فعالية هذه التنسيقات في تحقيق الأهداف المرجوة، مع تقديم اقتراحات عملية لتوسيع وتعزيز الجهود لضمان مقاربة إعلامية أكثر إنصافًا وشمولًا للأشخاص في وضعية إعاقة.
كما استعرض مدير مديرية التواصل بوزارة الثقافة والشباب والتواصل في مداخلته واقع التغطية الإعلامية لقضايا الإعاقة. حيث تناول الوضع الحالي لتمثيل هذه القضايا في مختلف وسائل الإعلام البديل، مسلطًا الضوء على أبرز التحديات التي تواجه التغطية الإعلامية، مثل محدودية المحتوى، وغياب المعالجة العميقة، واستمرار بعض الصور النمطية التي تعزز التمييز بدلا من الإدماج.
كما أشار المتحدث إلى العوامل التي تؤثر على جودة التغطية، مثل نقص التكوين المتخصص وضعف التشبيك بين الإعلاميين والفاعلين في مجال الإعاقة. وناقش مسألة تمثيل الأشخاص في وضعية إعاقة في الإعلام، موضحًا أهمية تقديم صورة عادلة وشاملة لهم، بعيدًا عن مقاربات الشفقة أو التهميش.
وأشار إلى كيف يمكن للإعلام البديل أن يسهم في تعزيز حضور الأشخاص في وضعية إعاقة كأفراد فاعلين في المجتمع، من خلال تمكينهم من منصات تعبيرية خاصة بهم، وإشراكهم في صناعة المحتوى الإعلامي، مما يضمن تقديم صورة أكثر واقعية تعكس إمكانياتهم وطموحاتهم، وليس فقط التحديات التي يواجهونها.
كما تناول المتدخل دور السياسات العامة في تعزيز التغطية الإعلامية لقضايا الإعاقة، مسلطًا الضوء على الإجراءات والتشريعات التي يمكن أن تتبناها الحكومات والمبادرات الرسمية لضمان إعلام أكثر إنصافًا للأشخاص في وضعية إعاقة. وأكد على أهمية وجود قوانين تلزم وسائل الإعلام بتغطية عادلة ومتوازنة لهذه القضايا، وتعزز إنتاج محتوى يعكس حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، مستعرضًا أمثلة على مبادرات ناجحة في هذا المجال.
وتطرق المتحدث إلى آفاق التطوير والتوصيات لتحسين التغطية الإعلامية لقضايا الإعاقة، مقترحًا مجموعة من الحلول والممارسات الفضلى التي يمكن أن تعتمدها المؤسسات الإعلامية. شمل ذلك إدماج التكوين المتخصص في الصحافة حول قضايا الإعاقة، وتشجيع الشراكات بين الإعلام البديل والمنظمات المهتمة بالإعاقة، وتعزيز مشاركة الأشخاص في وضعية إعاقة في المشهد الإعلامي.
كما سلط الضوء على دور التقنيات الحديثة والمنصات الرقمية في تمكين الإعلاميين من إنتاج محتوى أكثر دقة وإنصافا حول هذه القضايا، مما يسهم في تعزيز الوعي المجتمعي وتغيير التصورات السلبية نحو الأشخاص ذوي الإعاقة.
كما تناولت الإعلامية إيمان أغوتان، الصحفية بقناة ميدي TV1، خلال مشاركتها في هذا المنتدى، دور البرامج الحوارية في تغيير التصورات المجتمعية حول الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث قدمت تحليل شاملا لكيفية مساهمة هذه البرامج في تفكيك الصور النمطية السائدة حول الإعاقة.
أشارت أغوتان إلى أهمية النقاشات المفتوحة والمباشرة في تقديم قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة بطريقة تعزز الفهم المجتمعي، وتكسر الحواجز الاجتماعية التي تعيق إدماجهم في مختلف مجالات الحياة. كما أبرزت دور الإعلام البديل، بما في ذلك البرامج الحوارية، في تسليط الضوء على التحديات التي يواجهها هؤلاء الأشخاص، مشددة على ضرورة سرد تجارب حقيقية تعكس تنوع مساراتهم وقدراتهم.
وأكدت أغوتان على أهمية الترافع من خلال البرامج الحوارية كمنصة للتأثير على السياسات العامة. حيث استعرضت كيف يمكن لقناة ميدي TV1 استثمار هذه البرامج لتعزيز النقاش حول إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة، موضحة كيف يمكن للخبراء وممثلي المجتمع المدني وصناع القرار الذين يشاركون في هذه البرامج أن يلعبوا دورا رئيسيا في الضغط من أجل تطوير سياسات عمومية دامجة وتعزيز الالتزام المجتمعي والمؤسساتي تجاه قضايا الإعاقة.
كما تناولت المتدخلة أهمية التنوع في الضيوف والتجارب المقدمة داخل هذه البرامج، مشددة على ضرورة استضافة أشخاص ذوي إعاقة إلى جانب المختصين لتقديم رؤية أكثر شمولا للقضية، وذكرت أن مشاركة هؤلاء الأشخاص في نقل صوتهم وتجاربهم بشكل مباشر يمكن أن يسهم في إحداث تغيير في العقليات وتوسيع آفاق النقاش حول قضايا الإدماج والحقوق.
ولم تغفل أغوتان آفاق تطوير البرامج الحوارية لتعزيز الدمج الشامل للأشخاص ذوي الإعاقة، حيث اقترحت تخصيص مزيد من الحلقات لمناقشة مبادرات الدمج، وإبراز قصص النجاح، وتسليط الضوء على القضايا الحيوية مثل التشغيل والتعليم والمشاركة المجتمعية. كما قدمت توصيات لتحسين المحتوى الإعلامي، وتبني أساليب تقديم مبتكرة تعزز من تفاعل الجمهور مع هذه القضايا، مما يسهم في تحقيق تحول إيجابي في الوعي المجتمعي حول الإعاقة.
من خلال هذه المداخلة، قدمت إيمان أغوتان رؤية متكاملة حول دور الإعلام في تغيير التصورات المجتمعية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، مشددة على أهمية تعزيز النقاشات الفعالة والشاملة لتحقيق إدماج حقيقي ومستدام.
كما شدد مدير المعهد العالي للإعلام والاتصال في مداخلته على أهمية التكوين الأساسي في الإعلام الدامج، ودوره في تعزيز الوعي بقضايا الإعاقة، حيث أشار إلى ضرورة إعداد صحفيين متخصصين في تناول قضايا الإعاقة بأسلوب مهني وشامل.
ركز المتحدث على أهمية تكوين الإعلاميين حول مفاهيم حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، مما يمكنهم من تقديم محتوى إعلامي يسهم في تغيير الصور النمطية وتعزيز الإدماج الاجتماعي. كما تناول مسألة التكوين المستمر كأداة لتطوير الإعلام الدامج وتحديث المهارات، موضحا أهمية تمكين الصحفيين والعاملين في الإعلام من برامج تدريبية متخصصة تضمن تبني ممارسات إعلامية أكثر شمولا وإنصافا.
وأوضح مدير المعهد دور هذه البرامج في تطوير أساليب التغطية الإعلامية لقضايا الإعاقة، مشددا على تحقيق توازن بين نقل الواقع بكل تفاصيله وضمان احترام كرامة الأشخاص في وضعية إعاقة وحقوقهم.
كما تناول ضرورة إدماج قضايا الإعاقة في المناهج الدراسية وتعليم الإعلام الدامج، مسلطًا الضوء على أهمية تكوين الطلبة الإعلاميين على معالجة قضايا الإعاقة بطريقة مهنية تتجاوز الطرح الخيري أو التناول السطحي. وأكد على ضرورة إدراج مقررات وبرامج تدريبية تمكن الطلبة من تطوير مهاراتهم في إنتاج محتوى إعلامي يعكس تنوع المجتمع ويعزز ثقافة الإدماج.
كما أشار إلى أهمية التعاون بين معاهد الإعلام والمنظمات المعنية بقضايا الإعاقة، من أجل تطوير الإعلام الدامج وتحقيق شراكة فعالة تضمن تمكين الأشخاص في وضعية إعاقة من المشاركة في المشهد الإعلامي، سواء كموضوعات للتناول الإعلامي أو كفاعلين داخل المنظومة الإعلامية.
وسلط الضوء على دور هذا التعاون في تحسين جودة التكوينات الإعلامية وجعلها أكثر ارتباطا بالواقع، بما يعزز إنتاج خطاب إعلامي يعكس التنوع المجتمعي ويسهم في تعزيز ثقافة حقوق الإنسان.
من خلال هذه المداخلة، قدم السيد مدير المعهد رؤية واضحة حول أهمية التكوين في الإعلام الدامج، مؤكدا على دور الإعلام كأداة فعالة في تحقيق إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة وتغيير التصورات المجتمعية
خلال مداخلته في المنتدى الوطني السادس عشر للإعاقة، تناول البروفسور سعيد الحنصالي، أستاذ جامعي وخبير في قضايا الإعاقة، دور اللغة في تشكيل خطاب إعلامي منصف. وأوضح كيف أن اللغة تلعب دورا محوريا في تشكيل التصورات المجتمعية عن الأشخاص في وضعية إعاقة، حيث تؤثر طريقة تناول قضايا الإعاقة في الإعلام بشكل مباشر على مواقف الجمهور واتجاهاته تجاه هذه الفئة.
وأكد البروفسور الحنصالي على ضرورة استخدام لغة دقيقة ومحترمة تعكس واقع الأشخاص في وضعية إعاقة، مشددا على أهمية تجنب تكريس الصور النمطية أو التمييز الضمني، مما يسهم في تعزيز الإدماج الاجتماعي ويضمن تمثيلا إعلاميا أكثر إنصافا.
كما تناول مسألة المصطلحات المناسبة في الإعلام، مشيرًا إلى أهمية اختيار المفردات والتعابير التي تحترم كرامة الأشخاص ذوي الإعاقة، وتراعي تطورات الخطاب الحقوقي. وناقش بعض المصطلحات غير الملائمة التي لا تزال متداولة، والتي تساهم في ترسيخ نظرة دونية، مقترحًا بدائل أكثر دقة وموضوعية.
أيضًا، استعرض البروفسور سبل تطوير التغطية الإعلامية لقضايا الإعاقة من خلال تقديم أفكار ومقترحات تهدف إلى تحسين الخطاب الإعلامي، سواء عبر التوجهات التحريرية أو من خلال التكوين المستمر للصحفيين والإعلاميين. وأكد على أهمية إدراج موضوعات الإعلام الدامج في برامج التكوين داخل المؤسسات الإعلامية، لضمان إنتاج محتوى يعكس التنوع المجتمعي، ويراعي مبادئ الإنصاف والاحترام في معالجة قضايا الإعاقة.
من خلال هذه المداخلة، قدم البروفسور الحنصالي رؤية شاملة حول كيفية تحسين الخطاب الإعلامي تجاه الأشخاص في وضعية إعاقة، مما يعكس التزامًا حقيقيا نحو تعزيز العدالة والمساواة في التغطية الإعلامية
كما تناولت مداخلة بشرى العمراوي، رئيسة القسم لحماية الأشخاص في وضعية إعاقة ومناهضة التمييز بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، التحولات التي شهدها الإعلام الرقمي وتأثيرها على قضايا الإعاقة. حيث أكدت أن الإعلام التقليدي لم يعد الوسيلة الوحيدة لنقل هذه القضايا، بل أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي منصات فعالة للتوعية والتحسيس والمناصرة.
أبرزت العمراوي كيف تتيح منصات مثل فيسبوك ويوتيوب وإنستغرام وتيك توك فرصًا حقيقية لتعزيز حضور الأشخاص في وضعية إعاقة في المشهد الإعلامي، سواء كمستهلكين للمحتوى أو كصانعين له. وأكدت على أهمية تجاوز الصور النمطية التي تقتصر على أدوار محدودة للأشخاص ذوي الإعاقة، والتركيز على محتوى رقمي يبرز قدراتهم ومساهماتهم في المجتمع.
كما تناولت أهمية صناعة محتوى متنوع يشمل الفيديوهات التوعوية القصيرة، البودكاست، المقالات الرقمية، والمحتوى التفاعلي، لضمان وصول الرسائل الحقوقية إلى جمهور واسع بأساليب مبتكرة. وأشارت إلى ضرورة ضمان الولوج الرقمي للأشخاص في وضعية إعاقة من خلال اعتماد تقنيات تكييف المحتوى، مثل الترجمة إلى لغة الإشارة، الوصف السمعي، والنصوص التوضيحية، مما يسهم في تحقيق إعلام رقمي أكثر شمولا وإنصافا.
كما سلطت الضوء على دور الأشخاص في وضعية إعاقة كفاعلين في مجال الإعلام الرقمي، مشجعة مشاركتهم في صناعة المحتوى، سواء عبر قنواتهم الخاصة أو من خلال إشراكهم في المنصات الإعلامية الكبرى. وذكرت أهمية التكوين الإعلامي المتخصص لتعزيز قدرات الصحفيين وصناع المحتوى في معالجة قضايا الإعاقة بأسلوب مهني وحقوقي.
واقترحت العمراوي توصيات لتعزيز دور وسائل التواصل الاجتماعي في الدفاع عن حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، من خلال دعم إنتاج محتوى رقمي متخصص، وتطوير سياسات إعلامية دامجة، وتعزيز التعاون بين الإعلاميين والفاعلين الحقوقيين. وأكدت أن الاستثمار في الإعلام الرقمي يمثل فرصة حقيقية لبناء مجتمع أكثر وعيًا وشمولا، يعزز ثقافة الحقوق والمساواة
تليها مداخلة الإعلامي والخبير في مجال الإعلام والإعاقة، الأستاذ رشيد الصباحي، الذي تناول حصيلة التغطية الإعلامية لقضايا الإعاقة في الإذاعات المغربية. حيث استعرض مدى اهتمام هذه الإذاعات قبل وبعد تحرير المجال السمعي البصري، محللا نوعية البرامج المخصصة لعرض قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة وتأثيرها في المجتمع.
ركز الصباحي على التغيرات التي طرأت على كيفية تناول هذه القضايا في وسائل الإعلام السمعية، مشيرا إلى أثر ذلك على الصورة المجتمعية للأشخاص ذوي الإعاقة. كما تطرق إلى التحديات التي تواجه الإذاعات المغربية، مُبرزًا العقبات مثل نقص التكوين المتخصص في الإعلام الدامج وغياب محتوى متنوع يعكس واقع حياة الأشخاص ذوي الإعاقة.
وفي سياق التحسين، تحدث الصباحي عن الفرص المتاحة للإذاعات المغربية في ظل تحرير المجال السمعي البصري، مؤكدًا على أهمية استخدام التقنيات الحديثة لتوسيع تنوع المحتوى الإعلامي، وتعزيز التدريب المهني لدى الصحفيين والإعلاميين لتغطية هذه القضايا بشكل احترافي.
كما شدد على أهمية التعاون مع المجتمع المدني والقطاع العام لتحسين التغطية الإعلامية، موضحًا دور التعاون بين الإذاعات والمنظمات المعنية بالإعاقة والهيئات الحكومية. واستعرض أهمية مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في الإعلام، وتنظيم حملات توعية تهدف إلى تغيير المفاهيم السائدة وتقديم صورة إيجابية عنهم.
تم تكريم مجموعة من الإعلاميين الذين يساهمون بفعالية في الدفاع عن قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة. كما شهد اللقاء توقيع اتفاقية شراكة بين المعهد العالي للإعلام والاتصال والمركز الوطني محمد السادس للمعاقين، حيث وقعها كل من مدير المعهد، عبد اللطيف بنصفية، ومدير المركز، خالد بنحسن.
هدف هذه الشراكة إلى تعزيز التكوين العادي والمستمر للإعلاميين، بهدف فتح آفاق جديدة لدعم وجود الأشخاص في وضعية إعاقة داخل وسائل الإعلام المغربية. ويعتبر هذا المنتدى مناسبة لتقييم التقدم المحرز في تعزيز حقوق هذه الفئة، لا سيما في ما يتعلق بحمايتهم وضمان حقوقهم الأساسية.
تؤكد أرضية المنتدى على أهمية تعبئة مختلف الفاعلين، من القطاعين الحكومي والخاص، والمنظمات غير الحكومية، والخبراء الدوليين، والجامعيين، والمجتمع المدني، لمناقشة القضايا ذات الأولوية التي تهدف إلى تعزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة في المغرب.
كما يبرز موضوع المنتدى الدور الحيوي الذي تلعبه وسائل الإعلام في تحقيق الإدماج الاجتماعي، بما يتماشى مع مقتضيات الدستور المغربي ومبادئ حقوق الإنسان. ينظم هذا المنتدى، الذي يأتي بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، كحدث علمي وثقافي ورياضى، يستهدف الأشخاص في وضعية إعاقة وأسرهم، بالإضافة إلى الجمعيات والمهنيين العاملين في هذا المجال.
وناقش المنتدى محاور متنوعة، منها “تحليل وتقييم واقع تناول الإعلام المغربي لقضايا الإعاقة”، و”تعزيز دور الإعلام في تغيير الصورة النمطية عن الأشخاص في وضعية إعاقة”، و”آليات تطوير كفايات الإعلاميين في معالجة قضايا الإعاقة”. كما سيتم استعراض النماذج الإعلامية الرائدة في معالجة هذه القضايا على المستوى المحلي والإقليمي، في إطار التجارب المقارنة.
كما ساهم ماستر سيكولوجيا الإعاقة بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة في مجموعة من الورشات الموضوعاتية التي تسلط الضوء على قضايا الإعاقة وتعزيز النقاش حولها. تضمنت الورشات ورشة عمل للإعلاميين، التي هدفت إلى تعزيز المهارات الإعلامية لتناول قضايا الإعاقة بشكل موضوعي، حيث قادها البروفسور عبد الرزاق الحجيوي، خبير في الطب الفيزيائي وإعادة التأهيل، والدكتورة فاطمة الزهراء السرغيني، مديرة الملحقة الجهوية للمركز الوطني محمد السادس للمعاقين بطنجة، مع تقديم الأرضية من قبل الأستاذ إيدير أوكندي، خبير في مجال الإعلام والإعاقة. كما شهد المنتدى ورشة التحديات العملية، التي تناولت مواجهة تحديات التغطية الإعلامية لقضايا الإعاقة من حيث اللغة والمصطلحات، بإدارة السيد حسن بنمنصور، الصحافي ومنتج إذاعي، والدكتورة نجاة العاشوري، مديرة الملحقة الجهوية للمركز الوطني محمد السادس للمعاقين بأسفي، حيث قدم البروفيسور سعيد الحنصالي، الخبير في قضايا الإعاقة، الأرضية لهذه الورشة. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك ورشة الابتكار في الإعلام، التي تناولت تطوير محتوى يعزز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، وتولت إدارتها الدكتورة ليلى أشرعي من صندوق الأمم المتحدة للسكان والدكتورة سناء الوزاني، مديرة الملحقة الجهوية للمركز الوطني محمد السادس للمعاقين بفاس، مع تقديم الأرضية من قبل الدكتور عبد المالك أصريحي، أستاذ باحث وخبير في مجال الإعاقة. وختامًا، تم تنظيم ورشة الإعلام البديل التي تناولت رهانات دمج الأشخاص في وضعية إعاقة في المجتمع، بإدارة عبد الغني بردي، مدير التواصل بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والدكتور نبيل قروش، مدير الملحقة الجهوية للمركز الوطني محمد السادس للمعاقين بوجدة. تمثل مشاركة ماستر سيكولوجيا الإعاقة في هذه الورشات فرصة قيمة لتبادل المعرفة والخبرات، وتعزيز النقاشات حول سبل تحسين التغطية الإعلامية لقضايا الإعاقة، مما يسهم في تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع.