الألباب المغربية/ بدر شاشا – باحث
في المغرب، عندما نتحدث عن تشغيل الشباب، نجد أن الأرقام الرسمية قد تشير إلى نجاحات معينة في زيادة فرص العمل، لكن هل هذا هو الحقيقة الكاملة؟ هل تشغيل عدد أكبر من الشباب يعني بالضرورة تحقيق الرخاء والاستقرار لهم؟ لنقف عند التفاصيل الواقعية التي يعيشها الشباب المغربي في سوق العمل.
نجد أن شاباً يعمل 26 يوماً من العمل الشاق يحصل على راتب قدره 2900 درهم أو 3100 درهم. هذه الحقيقة تفتح الباب أمام تساؤلات حقيقية حول ما إذا كان هذا المبلغ يكفي لفتح بيت وتكوين أسرة، ناهيك عن تحقيق الأهداف والأحلام. كيف يمكن لشاب أو شابة في مقتبل العمر بناء مستقبل واعد في ظل هذه الظروف الاقتصادية المحدودة؟
نعم، قد تتفاخر بعض الجهات بأنها شغلت نسبة كبيرة من الشباب، ولكن السؤال الذي يجب طرحه: بأي ثمن؟ أغلب هؤلاء الشباب يعملون بعقود مؤقتة أو تدريبية لا تتجاوز مدتها السنتين. هؤلاء الشباب يواجهون تحديات كبيرة في تحقيق الاستقرار المهني والمالي. وفي ظل غياب عقود دائمة ومستقرة من البدايه، يصبح التفكير في تكوين أسرة أو شراء منزل مجرد حلم بعيد المنال.
التحدي الحقيقي في سوق العمل المغربي لا يقتصر فقط على خلق فرص عمل، بل في خلق فرص عمل توفر للشباب دخلاً يمكنهم من بناء مستقبل مستدام. في هذا السياق، يصبح من الضروري التفكير في سياسات دعم الشباب التي تتجاوز مجرد التوظيف. يجب أن يكون هناك دعم فعلي للشباب المغربي في حصولهم على منزل يلبي احتياجاتهم الأساسية. يجب التفكير في توفير دعم مالي يسهل على الشباب الزواج وتكوين أسر، بالإضافة إلى تسهيل الحصول على القروض بشروط ميسرة تمكنهم من البدء في حياتهم بشكل مستقر وآمن.
من هنا، يمكن القول إن مشكلة التشغيل في المغرب تحتاج إلى إعادة نظر شاملة. ليس فقط في عدد الوظائف المتاحة، ولكن في جودة هذه الوظائف ومدى قدرتها على توفير حياة كريمة ومستقبل واعد للشباب. التنمية الحقيقية تتطلب منّا التركيز على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الأفراد، وليس فقط على الأرقام والإحصاءات. دعم الشباب في الحصول على مسكن، وتوفير تسهيلات مالية للزواج، وتبسيط إجراءات القروض هي خطوات ضرورية لضمان أن تكون فرص العمل المتاحة للشباب فرصة لبناء مستقبل حقيقي ومستدام، وليس مجرد وظيفة مؤقتة.