الألباب المغربية/عماد وحيدال
لطالما وُصفت مهنة الإعلام بأنها مهنة المتاعب، لما تحمله من مسؤوليات جسيمة في نقل الحقائق، توعية المجتمع، ومراقبة السلطات. إلا أن هذه المهنة، التي كانت تُعتبر يوماً من أرقى المهن وأكثرها مصداقية، أصبحت تواجه تحديات تهدد جوهرها وقيمها، بعدما تسلل إليها من لا يحملون أدنى احترام لأخلاقياتها.
خلال أحد اللقاءات الإعلامية، عبّرت عن أسفي تجاه الظواهر السلبية التي باتت تكتسح هذا المجال. أشرتُ إلى أن “الإعلام أصبح مرآة تعكس تدهور المجتمع، حيث بات كل من يحمل هاتفاً ذكياً أو بطاقة تعريفية يطلق على نفسه لقب صحفي، دون أدنى التزام بالمهنية”. وأضافت عبارتي الشهيرة: “كما يقول المثل الشعبي: “حمّم نيفك وقل أنا حدّاد” وهذا بالضبط ما يحدث في مهنة الإعلام اليوم”.
لقد أصبحنا نرى أشخاصاً يمارسون ما يمكن وصفه بـ”التسول الإعلامي”، يستجدون المناصب والامتيازات، متناسين أن الإعلام رسالة سامية وليست وسيلة للتربح أو النفوذ. وكم كنت أتألم وأنا أرى مهنة التصوير الفوتوغرافي، التي ارتبطت دائماً بالإعلام، تتعرض للتدهور هي الأخرى. أصبح كل من يملك هاتفاً محمولاً يزعم أنه مصوّر، يلتقط الصور ويرسلها عبر تطبيقات مثل “الواتساب”، متجاوزاً أهمية الاحتراف واللمسة الفنية التي كانت تعطي التصوير قيمته.
لقد جلبت ذات يوم ألبومات صور مطبوعة لبعض العملاء، لأُفاجأ بأحدهم يقول: “لقد احتفظت بكل الصور على هاتفي !” من طرف أحد المراسلين الصحافيين. بالله عليكم، كيف لمهنة التصوير الفوتوغرافي، التي كانت جزءاً لا يتجزأ من الإعلام، أن تُقتل بهذه الطريقة على أيدي هؤلاء المتطفلين؟.
أؤكد هنا على ضرورة تدخل النقابات الإعلامية لإنقاذ ما تبقى من كرامة هذه المهنة. رجال النقابة اليوم يحملون مسؤولية كبيرة لتطهير هذا القطاع من الدخلاء، وإعادة الهيبة والاحترام للإعلام والتصوير الفوتوغرافي كجزء أصيل منه.
مهنة الإعلام اليوم تقف عند مفترق طرق، فإما أن تستعيد مكانتها كسلطة رابعة تهدف لخدمة المجتمع وتحقيق العدالة، أو تستمر في الانحدار لتصبح مجرد أداة للتلاعب والتربح. يبقى الأمل معقوداً على النقابيين وكل غيور على هذا المجال، لإعادة الأمور إلى نصابها وتنقية الساحة من الشوائب التي تهدد مصداقية الإعلام ورسالته.