الألباب المغربية
في امتداد لمسلسل الخروقات والفساد الإداري والمالي، تأتي احتمالية تكريس وأجرأة الفساد المعنوي أيضا داخل ردهات ومتاهات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، التي تأبى إلا أن تناقض نفسها بنفسها.
فما فتئت مندوبية الكثيري تنادي بقيم الوطنية والمواطنة الحقة في جميع أدبياتها وملتقياتها؛ لدرجة يتم فيها وبشكل – تعسفي وقمعي- حرمان الموظفين من حقهم في التمتع بإجازاتهم السنوية التي تتزامن مع الذكريات المحلية قبل الوطنية إحقاقا في نظرها لهذا المبدأ.
إلا أن الأمر الذي لربما تغافلت عنه إدارة مندوبية المقاومة بوعي منها أو بدون وعي هو أنه نظريا مبدأ الوطنية والمواطنة هو قاعدة وأساس لمنظومة القيم المجتمعية في شموليتها، وبالتالي فهو شأن عام لا تستأثر به جهة دون الأخرى.
أما تطبيقيا وعمليا فمبدأ الوطنية والمواطنة كنسق قيمي عليه أن يظهر بشكل ملموس وإجرائي من خلال اعتماد مجموعة من المعايير في التدبير والحكمة؛ كالشفافية، والنزاهة، والمصداقية، والاستحقاق….
وعلى ذكر الاستحقاق كقيمة وطنية ومواطنة، فإن إدارة المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تضرب في صلب هذا المبدأ عندما تحدد سلفا المترشحة الناجحة المسماة (ل.ل) لشغل منصب المسؤولية كمكلفة بالمكتب المحلي بالمحمدية؛ الذي صدر شغوره ضمن المذكرة رقم 13 بتاريخ 27 مارس 2024 قبل مرور المباراة التي حدد تاريخها في يوم 10 ماي 2024.
بمعنى أن الموظفون الذين وضعوا ملفات ترشحهم للمنصب، والذين يأنسون في أنفسهم القدرة على اجتياز المباراة لا يعدو إلا أن يكونوا دمى في أيدي الإدارة توظفهم لتأثيث المشهد ولإضفاء طابع الشرعية على قرارات فاسدة ، في ضرب لمبدأ الاستحقاق كقيمة وطنية، ودعامة أساسية ضمن دستور المملكة، وللفصل 22 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي يلزم إعمال مبدأ المساواة بين المترشحين في المباريات.
وبالتالي فإن سيل الفساد المعنوي القادم سينضاف إلى سيل الفساد المالي السابق، لتتشكل توليفة خروقات إدارية متنوعة شكلا ومضمونا، ننتظر من جهات الردع والضبط والمحاسبة وقفها واستئصالها.