الألباب المغربية/ إبراهيم فاضل
أكد منظمو احتفالية تيفلوين، التي اختتمت فعالياتها مساء الثلاثاء 14 يناير 2025 بمدينة تيزنيت، أن هذه التظاهرة الفنية المنظمة من طرف المجلس الجماعي لمدينة تيزنيت، بتعاون مع المجلس الإقليمي لتيزنيت، وبمشاركة مع فعاليات المجتمع المدني. تحت شعار “احتفالية الأرض والهوية” في أربعون فضاء بالمدينة بمناسبة حلول السنة الأمازيغية الجديدة 2975، أنها حققت نجاحا جماهيريا فاق التوقعات، بعدما شهدت الفضاءات الثقافية والفنية ومختلف الأزقة والساحات العمومية بقلب المدينة القديمة بمدينة تيزنيت على مدى أربعة أيام، فعاليات النسخة الثالثة من احتفالية تيفلوين التي تعد واحدة من أهم التظاهرات الثقافية السنوية على المستوى الجهوي والوطني، وتحتفي بالموروث الثقافي والفلاحي والاجتماعي والتقليدي للساكنة المحلية.
وخلال 4 أيام احتضن حي إنرارن ندعلي معرض للفن التشكيلي “أزور- آرت”، وورشات للأطفال، في النحت والرسم والألعاب التقليدية الأمازيغية “أدغارن ن تازانين”، كما عرف ممر كر المداين معرض صور الدورتين السابقتين للاحتفالية، فيما شهدت باحة الجامع الكبير برنامج ليالي صوفية أطرتها مدارس عتيقة وزوايا دينية محلية وإقليمية وجمعيات، وهذه الليلي عبارة عن جلسات ذكر جماعية، تخللتها تلاوات قرآنية، وأمداح نبوية، تعكس أجواءً روحانية، وتعزز الارتباط بالتقاليد الدينية العريقة، أما تيكمي ن تمازيرت وبرجها، فقد احتضنا ورشة لصناعة آلة الرباب والعزف عليها، “أسالاي ن أغوليد” واللوحات الفنية “تايسي دوكلان”، و”العوايد ن تامغرا”.
وبالمناسبة عرف كذالك مركز تفسير التراث، أروقة متعددة للكتب لجمعيات وكتب حول الثقافة الأمازيغية، وورشات للقراءة وفنون الخط و فن الأوريكامي، فيما احتضن الفضاء العلوي للمركز ورشات تكوينية موضوعاتية ولقاءات بين الفنانين والمبدعين، أما الفضاء التحت الأرضي للمركز فقد عرف تنظيم معرض ذاكرة تيزنيت ومعرض صور الحلي المحلية.
هذا واستمتعت ساكنة وزوار مدينة تيزنيت بأنشطة ترفيهية للأطفال كل صباح، وحكايات “أومين دو أومين” كل مساءا بالإضافة إلى سهرات تراثية ليلا تشكلت من، فنون أحواش ن درست – تيرويسا – تارشاشت وتزنزارت بفضاء مسرح الهواء الطلق أغناج، وكذا فقرات من المديح الصوفي النسائي “أكراو”، وبمحاذاة سور القصبة تم تنصب خيام سوق الإبداع ” soukcrea”التي عرضت فيه العديد من الجمعيات والشباب المبدع إنتاجاتهم الإبداعية وتحفهم العبقرية ويتوسطه مقهى ادبيا شبابيا “cafécrea ” للمناقشة وتبادل الأفكار الإبداعية.
كما خصص المنظمون فضاء أنوال لتحضير أكلات “تاكلا و أوركيمن ” وتقدم فيه منتوجات الجمعيات النسائية المتخصصة في فن الطبخ النشيطة بالمراكز الثقافية التربوية.
طيلة أيام احتفالية تيفلوين شهدت العديد من الفضاءات عدة أنشطة كعرض الأزياء الأمازيغية، ومعارض ذاكرة أعلام تيزنيت والعين أقديم والهوية البصرية الجديدة للمدينة، ومعرض متنوعة من الحرف والمعارف التقليدية.
وبمحاذاة السور الأثري من باب تاركا أوسنكار في اتجاه باب الخميس، تم تنصيب ما يزيد عن 100 خيمة لمعرض تعاونيات الاقتصاد التضامني الاجتماعي، تقدم منتوجات مجالية متنوعة التي يزخر بها إقليم تيزنيت. وبموازاة يتواجد فضاء للمطعمة لتقديم الأكلات والأطباق الأمازيغية، كما تم تنظم جلسات لاحتساء الشاي بالنعناع التيزنيتي بمزارع واحة تاركا، وفضاء تذوق وجبة تاكلا وأوركيمن بمحاذاة السور الأثري أمام مدرسة الوفاء، كما تم طهي الخبز التقليدي في عدة أفران”إنكان وتفرنوت” بالساحة الخارجية لباب تاركا مع تقديم لوحات من فنون أحواش.
ومن خلال نسخة هذه السنة فقد تعرف زوار تيزنيت عن قرب على عادات المعروف ن تيسواك الذي تم تحضيره من طرف العائلات بأحياء المدينة والأكلات التي حملتها النساء في موكب يُعرف بـ”ترزيفت”، في اتجاه العين أقديم وتُرافقهم أهازيج وأغانٍ متصلة باحتفالية إيض يناير.
وللإشارة فان هذه الاحتفالية السنوية تأتي انسجاما مع القرار التاريخي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بجعل يوم 14 يناير من كل عام يوم عطلة رسمية مؤدى عنها، وهو ما يشكل بكل فخر واعتزاز منعطفا جديدا يجسد العناية المولوية بالثقافة واللغة الأمازيغية، سواء باعتبارها أحد مكونات الهوية المغربية، أو باعتبارها لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، فضلا عن دورها المحوري في دينامية الهوية والانتماء، الأمر الذي سيعزز حضور الثقافة الأمازيغية ضمن خارطة التظاهرات الثقافية بربوع وطننا الحبيب، وسيساهم في تقوية مكانتها ضمن الهوية المغربية الأصيلة والغنية بتعدد روافدها.
وتهدف احتفالية تيفلوين إلى التأكيد على مكانة الثقافة الأمازيغية وحضورها الفاعل والمؤثر في عبر التاريخ والحضارة المغربية، كما تهدف تيفلوين إلى المساهمة في جعل اقتصاد المعرفة والصناعة الثقافية قاعدة لتحسين التنافسية الاقتصادية والترابية لإقليم تيزنيت، وترسيخ الترابط التاريخي بين “بساتين تاركا” كمتنفس بيئي يمتد على عشرات الهكتارات، والمدينة العتيقة كواحدة من أعرق المدن على الصعيد الوطني، كما تسعى احتفالية تيفلوين في نسختها الثالثة إلى المساهمة في التعريف بالموروث المادي واللامادي لمدينة تيزنيت عبر تنظيم ورشات حرفية من التقاليد التراثية للذاكرة الجماعية، المرتبطة أساسا بالدورة الزراعية والفلاحية والصناعات التقليدية المختلفة، بالإضافة إلى استعراض تيفلوين خلال هذه الدورة أشكال ثقافية وفنون أصيلة منفتحة على التعبيرات الحداثية والعصرية، واستحضار تنوعها وضرورة تشجيع وتثمين المنتوجات المحلية المجالية والبيولوجية.