الألباب المغربية/ محمد المتوكل
في عز الأزمة التي تضرب المغرب، منذ وقت ليس بالقصير، وفي أوج الكوارث المتتالية على الشعب المغربي، والتي لم يستطع المغرب والمغاربة الخلاص منها والفكاك منها الى حدود كتابة هذه السطور، وخاصة وأن المغرب والمغاربة يعيشون على واقع الزلزال المدمر الذي أتى على الأخضر واليابس، وحصد عددا من الضحايا والجرحى والمعطوبين والأيتام والثكالى والمفقودين، بل أن الزلزال أتى على قرى بكاملها، وأباد أسرا بأجمعها، في تدبير إلهي وحكمة ربانية لا يمكننا نحن كمسلمين إلا أن نقول سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.
لكن بالله عليكم أيها المسؤولون الفاشلون والانتهازيون والمارقون الذين فشلوا في تدبير أزمة الزلزال، ولم يتمكنوا الى حدود يوم الناس هذا من ايجاد الحلول المناسبة لضحايا الزلزال العنيف، فعدد من الأسر المكلومة والموجوعة لا زالت تفترش الأرض وتلتحف السماء، وعدد من الأسر لا تجد ما تأكله ولا ما تشربه ولا ما تلبسه، وعدد من الأسر لا تتوفر على الخيام. وبالمناسبة فسياسة الخيام سياسة فاشلة مائة في المائة لماذا؟؟؟ لأن في الحقيقة لو تبرع سياسيونا واقتصاديونا و”ملياريونا” وأغنياؤنا وما أكثرهم بشقة صغيرة واحدة لأسرة واحدة مكلومة وموجوعة لإنتهى أمر ايواء وإعادة ايواء المنكوبين والمفقودين والمتضررين، ولكن للأسف الشديد عوض أن يتجه اهتمام هؤلاء إلى أهم حاجيات المنكوبين، ركبوا سياراتهم وأخذوا حريمهم وأولادهم وأخذوا بعض المشروبات المنشطة، و”شوية ديال القطعة باش تكمل السهرة”، وأخذوا الطريق إلى منصة المهرجان المسمى بمهرجان الفلكلور الدولي للرقص على أنغام الموسيقى العالمية والتمايل مع الفئة المخملية التي ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب ٱتية من مذخرات الفوسفاط والذهب والعاج والألماس والخضر والفواكه والأسماك والخيرات التي لا تعد ولا تحصى والتي لا يستفيد منها الا “اخناتوش” وحواريوه ممن قسموا المغرب الى مغرب نافع ومغرب غير نافع.
مراكش تخلف دائما موعدها مع التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية، فعوض أن يتجه قلب المنتخبين والسياسيين والسلطات المحلية والولاة والعمال الى النظر في أحوال المنكوبين والمغادرين لمنازلهم على اثر الزلزال المدمر والذين يكتض بهم الإعلام المرئي والمسموع، وتزخر بذلك وسائل التواصل الاجتماعي تظهر في كل وقت وحين ٱهات الموجوعين وتظلمات المفقودين الذين فقدوا أهلهم وذويهم و”بقاوا الله كريم” لا منزل يأويهم، ولا سلطة تهتم لأمرهم ولا دولة عملت على توفير متطلباتهم التي لا تعدو أن تكون منزل وكرامة وماء وكهرباء وصحة وطرق ومدارس وحدائق وشغل، في مغرب كان ولا زال وسيبقى للأسف الشديد مخلفا للوعد في كل مناسبة، وأن البلاد للأسف الشديد ”عاطيا غير للبلابلية” والفنانين والطعارجية والموسيقيين والحلايقية والكوايرية وغيرهم من التافهين والعاهات المستديمة في هذه البلاد السعيدة، “فين ما كان شي ملقط تاتلقاه واكل شارب لابس ومبرع بأموال الدولة، وما خاصو حتى خير، وتلقاه ما قدم حتى قيمة مضافة للبلاد”، وتجد من أسدوا الخير والخمير وعملوا كل المستحيل من أجل خدمة البلاد والعباد ولكن للأسف الشديد لا يتم تسليط الضوء عليهم ولا يتم تمريمهم والرفع من شأنهم وإشهارهم في كل قنت، بل يتم إقصائهم والتشويش عليهم، والدليل هو هاد المنكرات المنكرة من قبيل “هاد المهرجان ديال الخوا الخاوي، واش الناس تاتموت وحاصلة مع القياطن والخيام وغياب المراحيض والماء والكهرباء وغير ذلك من متطلبات الحياة، والمسؤولين والمنتخبين والسلطات وجمهور من أهل مراكش ناشط وضارب الدنيا بركلة فجامع الفنا، الشيء الذي يظهر جليا أن الدولة عموما ومراكش تحديدا تجتهد في تقديم الابتذال والتردي والخزعبلات والترهات وتطبع مع الفسق والفساد والعري و”النشاط ها هو شاط”.
فماذا استفادت مراكش من المؤتمر الدولي المنعقد مؤخرا ؟ وما ذا استفادت مراكش من جملة المؤتمرات والأنشطة الفنية والمهرجانات و”الفيستيفالات” و”الغنا والشطيح والرديح وهز يا وز” غير تخريج جيل مشوه “مهبط سروالو ومعري على وذنيه” وكل همه هو أن يجلس في مقهى للشيشا بجانب “شرموطة” لم تتلقى التربية السليمة من أبويها الذين كانوا مشغولين بتوفير الأكل والشرب والملبس لبنت فلتت من عقال الأسرة ودخلت الى عقال الشهوة الحرام والجنس الحرام والخدنية وغيرها من فواحش الأمة المكلومة.
انظروا الى مراكش فهي تتزين أحيانا ظاهريا، وهل تساءلتم عن المليارات التي صرفت في الأوراش التي قيل أنها صرفت على إصلاح الشوارع وتزيين الحدائق وتعبيد الممرات والمدارات وإصلاح إشارات المرور، ولكن أبناؤها وبناتها في صراع مستمر مع الشهوة والفساد الموجود في كل مكان، ومقاهي الشيشا المنتشرة في كل مكان، وبنات الهوى في كل مكان، والشواذ في كل مكان، والخمر في كل مكان، والحانات في كل مكان، والعلب الليلية في كل مكان، والعري في كل مكان، والفساد الذي سيبه الأجانب في الفنادق في كل مكان، فضلا عن الرشوة و”باك صاحبي” والمحسوبية والزبونية وغير ذلك من أمراض الدولة التي لم تستطع أن تضع اليد على الجرح الذي ينزف الى حدود كتابة هذه السطور.
لكن الدولة والمسؤولون عموما عوض أن يجلسوا الى مائدة الحوار والنقاش اطلقوا العنان لإبليس اللعين يفعل فيهم ما يشاء، وعوض أن يتجهوا إلى تشخيص الداء والبحث عن الدواء، ومعرفة ماذا يمكن فعله من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، أداروا ضهورهم الى الحائط، ونسوا أنهم مسؤولون على كل صغيرة وكبيرة تجري في هذه البلاد السعيدة، وأن الاصلاح يتطلب التجرد وتحمل المسؤولية والنظر الى المستقبل بعين البصيرة والحكمة، وأن المهرجانات و”الفيستيفالات والغنا والشطيح والرديح” والاختلاط والجنس والخمر وغيرها من الموبقات لا يمكن أن يقدم لنا في المحصلة دولة كالمغرب، خاصة ونحن قد خرجنا للتو من تبعات كوارث جمة كادت لا قدر الله أن تكون الحالقة والماحقة ككورونا والجفاف والٱن الزلازل نسأل الله السلامة والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والٱخرة.
فقد خرجنا يا سادة للتو من تبعات زلزال مدمر، ووجب علينا أن نتجند جميعا من أجل النظر الى هؤلاء المفقودين والموجوعين والمهمشين والمنبوذين والمحكورين والمقموعين في هذه البلاد السعيدة التي وجب عليها القطع مع “التابانضيت والتاحراميات والتتالاهبيت والتاشفارت والتاقمارت والتاشكامت”، وأن تحاول بكل ما أوتيت من قوة وجهد من أجل ايواء وإعادة ايواء المتضررين من زلزال الحوز، المجموعين في خيم و”قياطن” وكأن المغاربة لا قدر الله لا يستحقون الا المكوث في خيام و”قياطن” مكدسين كأنهم علب سردين، بدون أدنى شروط الحياة الكريمة، وعلى الدولة أن تجتهد أكثر في الاهتمام بالعنصر البشري وتنميته وتثقيفه وتكوينه عوض تجهيله وتكليخه وتتفيهه وإقصائه وتهميشه.
إنها لصرخة أطلقها عبر هذا المنبر من أجل إعادة النظر في الأولويات والاهتمامات، فأولوياتنا الٱن وبعد الٱن ستبقى هي الدود على الكرامة الانسانية، وليس تتبع عورات البنات في الفولكلورات والمهرجانات والفيستيفالات مع الشواذ وعنيبات.
آش خاصك العريان ؟؟… مهرجان الفلكلور آمولاي…
اترك تعليقا