الألباب المغربية – مصطفى طه (*)
طبقا للفصل 49 من الدستور، وباقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من وزير الداخلية تفضل جلالة الملك، في الأيام القليلة الماضية، بتعيين عدد من الولاة والعمال.
وفي سياق متصل، هذه التعيينات تدخل في إطار ترسيخ الحكامة المحلية الجيدة، وتفعيل سياسة القرب من المواطنين وتحقيق التنمية الجهوية المندمجة، كما تندرج التعيينات المذكورة في إطار توجيهات الملك محمد السادس، الداعية إلى تعزيز مسار اللامركزية بإعطاء دفعة قوية لعمل الدولة على المستوى الترابي، وإعادة تنظيم الإدارة المحلية، وذلك للرفع من فعاليتها وتقوية التأطير عن قرب .
ومن بين هاته التعيينات، نجد عبد الله جهيد، الذي عينه الملك محمد السادس، عاملا على إقليم ورزازات، بحيث أن الإقليم المذكور عامة، ومدينة ورزازات خاصة، يعانيان من مشاكل كثيرة خلخلت حركة التنمية المحلية، وهو ما سيدفع بلا شك العامل الجديد، بتسريع وتيرة إنجاز المشاريع المبرمجة سلفا، قصد تحقيق الأهداف التنموية المنشودة، بالموازاة مع خلق مشاريع وبرامج نوعية، تبتغي تسهيل ظروف عيش الورزازيين، فضلا على ضرورة توفير البنيات التحتية الحقيقية، لتشجيع الاستثمار المنتج، والنهوض بأوضاع مدينة السياحة والسينما.
وارتباطا بالموضوع، وضعية كارثية تعانيها مجموعة من الجماعات الترابية التابعة لإقليم ورزازات، بالإضافة إلى أن هذه الجماعات المحلية تعيش على وقع نقص كبير على مستوى البنيات التحتية، وضعف الأنشطة المدرة للدخل، وعدم الاهتمام بأنشطة إنتاجية قاعدية، كالسياحة الجبلية؛ والصناعة التقليدية؛ والاقتصاد الاجتماعي؛ مع ضعف تثمين المنتوجات المحلية، زد على ذلك قلة التغطية والربط بشبكة الكهرباء والماء الصالح للشرب، والتطهير السائل في كثير من مناطق الإقليم سالف الذكر، بالإضافة إلى مشاكل متعلقة بجودة الماء الشروب، ونقص تنويع مصادر التزويد بمياه السقي.
وانطلاقا من هذه الوضعية المريرة التي يعيش على وقعها إقليم ورزازات، وعاصمة الإقليم، التي لا تتناسق مع حاجيات وشروط جذب الاستثمار، فإن الساكنة تطمح إلى بلورة وترجمة مشاريع البنية التحتية، التي من شأنها المشاركة في جلب الاستثمار، خاصة في مجالي السينما والسياحة، وخلق مناصب شغل مباشرة وغير مباشرة، وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، لا سيما وأن هذا الإقليم يحظى بموقع جغرافي ومؤهلات طبيعية متميزة، وموارد طبيعية باطنية غنية، يجب أن يكون لها وقع إيجابي على الأوضاع الاجتماعية، حيث يُسجَّلُ ارتفاع نسبة البطالة بالإقليم في صفوف الشباب، وخاصة حاملي الشواهد العليا.
وفي هذا الصدد، عبد الله جهيد، عامل جديد على إقليم ورزازات، ينبغي اتخاذ التدابير الاستعجالية، وذلك إلى جانب القطاعات الحكومية الأخرى، وفي إطار التقائية السياسات العمومية، قصد توفير البنيات التحتية الضرورية التي من شأنها جلب الاستثمار والدفع بالإقليم إلى الأمام اقتصاديا واجتماعيا، وتربويا، وصحيا، وثقافيا، ورياضيا، وسياحيا، بما يخفف من حدة ووطأة الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي يعيشها إقليم ورزازات وساكنته، هذا من جهة.
من جهة أخرى، المسؤولية تقدر بقيمة النجاح ومستوى الإخفاق، عندما يتعلق الأمر بتهيئة مناخ التنمية المحلية في أبعادها المختلفة، وأن التعرض للمتقلبات والضروريات المتزايدة للإقليم والمدينة لن يكون له بصمة ذات قيمة إلا من خلال تبني ثقافة الانفتاح، وإفساح قنوات الحوار مع كل الفاعلين السياسيين، والاقتصاديين، والإعلاميين، والمدنيين، والمواطنين، هذه رسالة مباشرة موجهة إلى عامل إقليم ورزازات الجديد في المقام الأول، وثانيا إلى المسؤولين على تدبير الشأن المحلي بها أيا كانت تلويناتهم السياسية، قصد وضعهم معا في الصورة التي نراها تستحق الاهتمام والعناية.
ولتذكير عامل الإقليم الجديد، أنه بعد مرور أكثر من سنتين على الانتخابات الجماعية، نقف اليوم على الحصيلة التنموية الكارثية الشاهدة على سوء التسيير والتدبير على مستوى بعض الجماعات الترابية، نخص بالذكر كل من ورزازات، وترميكت، وتازناخت، ووسلسات، وخزامة، وأمرزكان، وغسات، وتوندوت، بحيث مازالت ساكنة هاته الجماعات، تعيش تحت ظلام المعاناة والتهميش والإقصاء الممنهج على جميع الأصعدة، في غياب تام لأبسط الحاجيات الضرورية للسكان، وهو ما يدل بالملموس على فشل هؤلاء الرؤساء تسيير الشأن المحلي، ومن مسؤولية عامل صاحب الجلالة على إقليم ورزازات، التدخل للوقوف شخصيا على أرض الواقع، ما يجري بهذه الجماعات التي تعيش كل أشكال الإهمال، بسبب سوء التدبير والتسيير، وغياب إرادة حقيقية لممثلي الساكنة في التعامل مع قضايا جماعتهم، وفك العزلة عنها التي تكتوي تحت نار التهميش.
تجدر الإشارة، أن عبد الله جهيد، البالغ من العمر 58 عاما، بدأ مساره المهني سنة 1991 كمهندس مكلف بالبحث البيئي ومسؤول عن التكوين المستمر في “القسم الهيدروليكي” بالمدرسة الحسنية للأشغال العمومية، وفي سنة 1995 شغل منصب رئيس قسم البرمجة والميزانية بالمكتب الوطني للماء الصالح للشرب (قطاع الماء)، ثم مديرا إقليميا بكلميم سنة 1997، قبل أن يتولى في سنة 2003 منصب مدير المنطقة الوسطى بخريبكة.
كما شغل منصب المدير المركزي لقسم الصناعة والاستغلال بالمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب سنة 2006.
(*) سكرتير التحرير