محمد عبيد
لا تبعث الأمور على الارتياح كما هو مرسوم لها لتسيير ولتدبير الورش الملكي المعني ببرنامج “أوراش”، حيث عمت خلال الأيام الأخيرة عبر مواقع ومنصات السوشيال ميديا نشرات تستنكر ما يجري في البرنامج الوطني لأوراش على صعيد جهة فاس مكناس، واضعة أصبعها على جملة من الاختلالات التي جعلت المجال يعيش على فوضى فاضحة خاصة وأن المسؤولين الترابيين بالمنطقة غمضوا أعينهم عن هذه التجاوزات المثارة والكاشفة بعضها بالملموس، مما يساهم في وضعهم في قفص الاتهام بالتواطؤ لتشويه البرنامج الملكي أساسا.. إذ ظهر جليا أن رؤساء جمعيات وتعاونيات برلمانيون ومستشارين قد تسللوا بشكل فاضح للاستفادة من هذا البرنامج في خرق سافر للفصل 27 من الدستور المغربي…
وتبقى أفضح هذه الفضائح التي استنكرتها فعاليات مجتمعية وحقوقية فضلا عن فاس ومكناس ماجرى في هذه المرحلة الثانية للبرنامج على مستوى إقليم إفران على سبيل المثال ذلك حين شاع خبر وافتضح لدى الرأي العام المحلي بمدينة آزرو استفادة عضوة مستشارة في الجماعة الترابية المحلية من برنامج أوراش في هذه المرحلة الثانية بطرق غير سليمة وهي التي معروف عنها رئاسة جمعية تدعي الإحسان، إذ تفيد معلومة حصرية انها لتفادي اكتشاف أمرها وبتواطؤات قامت بالمصادقة على وثائقها للاستفادة من البرنامج خارج دائرة ازرو لتسند لها أشغال بدار الشباب بأزرو، علما انه سبق لها ان إستفادت من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بتوفير فرن لطهي الخبز ولإعداد الحلويات..
انتقادات تطال تنزيل برنامج “أوراش” داع صيتها بكل من فاس ومكناس، تكشف عن تجاوزات تمثلت في سوء تدبير البرنامج وطغيانا للمنطق الحزبي والمصلحي والمحسوبية وتبادل المصالح واستغلال مناصب المسؤولية تم من خلاله ضرب مبدأ تكافئ الفرص… بل حتى في تضارب المصالح بتفويت الإشراف على بعض الأوراش إلى جمعيات يشرف عليها مستشارون ومستشارات، والأنكى برلمانيون… ناهيك عن جمعيات تحظى بالرضا والرضوان من قبل سلطات ترابية هي أدرى بهذا العمد الذي تحوم حوله جملة من الشبهات والشكوك!؟؟؟ سيما منها استفادة جمعيات حديثة التأسيس لم تتعدى مدتها سنة أو سنتين، وجمعيات استفادت أكثر من مرة وجمعيات تنتمي إلى الهيئات الإستشارية وإلى مجلس العمالة”.
ونددت بعض الهيئات الحقوقية بهذه السلوكات واصفة أن العملية تمت وفق منطق الوزيعة والولاء السياسي في توزيع الأوراش، وموضحة أنه تم منح عدد من الأوراش لجمعيات بعينها يترأسها منتخبون بالمجالس الجماعية، أو بالأحرى رؤساء ورؤساء بالنيابة لمجالس جماعات ترابية مما نتج عنه خرقا للقانون.
هذا فضلا عما تمت إثارته وبالإشارة إلى تورط المصالح الخارجية للوزارات ببعض أقاليم الجهة، وما أبان عنه ضعف تدبيرها لتنفيذ التزاماتها موضوع الاتفاقيات المتعلقة بتوفيرها للتجهيزات والمعدات اللازمة لإنجاح الأوراش…
ويعظم الإستغراب ومعه الاستنكار ما شاب عمليات توزيع مناصب الشغل بإعمال معايير غير موضوعية باستحضار المحسوبية خدمة لحسابات سياسية ضيفة ومنها لحسابات من قِبَل الإدارات الترابية نتح عنها إقصاء مواطنات مواطنين من ذوي العوز لكونهم كثيرا ما انتفضوا سواء ميدانيا او عبر منصات التواصل الاجتماعي للمطالبة بحقهم في الشغل والعيش الكريم، مما أفقد تنزيل اهداف البرنامج التي ذكرها الخطاب الملكي في هذا الشأن.
إذ احتكمت عدد من الأوراش بجهة فاس مكناس إلى منطق “باك صحبي” واستفاد منها ذوو القربى من السياسيين والمنتخبين والمسيرين للشأن المحلي بعد تدخلات علنية وسرية لبعض “الكائنات الانتخابية والسياسية” في غياب تام لمنطق تكافؤ الفرص والمعايير المحددة للاستفادة من هذا البرنامج.
وسجل اختلاف في طريقة اختيار المستفيدين من جماعة إلى أخرى دون التقيد بمعايير موحدة وواضحة..
هذا وقد سجل مهتمون ومتتبعون أن بعض الجمعيات التي حظيت بمشاريع أوراش في جماعات بأقاليم نفس الجهة على أجرت “القرعة” بعد تلقي الطلبات، في حين اختارت أخرى المستفيدين بطرق غير معلنة وغير معروفة.
واعتبر هؤلاء أن هذه السرية التي تم بها اختيار بعض المستفيدين من برنامج أوراش تنافي دستور المملكة وقوانينها، إذ ينص الفصل 27 من الدستور المغربي على أنه “للمواطنين والمواطنات الحق في الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارات العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام”.
وأمام هذه الفوضى والاختلالات، تنادي أكثر من هيئة وفعاليات مجتمعية بجل أقاليم جهة فاس مكناس بالعمل على وضع حد لهذا التسيب وهذا العبث الممنهج والأنانية المفرطة، مطالبة بفتح تحقيق عاجل حول “أوراش 2” وتشكيل لجنة مستقلة للوقوف على ما تم رصده من خروقات، والوقوف أيضا على سير الأشغال على أرض الواقع، فهناك بعض المحظوظين الأشباح لا يلتحقون بأوراش العمل.
ويبدو أن هذه الأعمال الاجتماعية لا تدخل في أجندة اكثر من مسؤول سواء ولائي أو إقليمي، وعلى رأسها والي جهة فاس مكناس سعيد زنيبر أمام ما اتسعت دائرته من نشرات فاضحة من هذا الفساد المالي والإداري المستشري في كل الجماعات الترابية ومجلس إقليم او جهوي خاصة بعمالة فاس وجهة فاس مكناس ككل؟؟ باعتباره المسؤول الترابي الأول عن كل ما يحدث من إهراق للمال العام في كل المؤسسات المنتخبة وعن فساد كل أعوان السلطة المحلية من مقدمين وشيوخ وقواد وبشوات؟؟
وهو ما دفع مؤخرا بارتفاع أصوات العديد من التنظيمات الجمعوية، التي لها برامج تنموية جادة ورؤية تدبيرية مبتكرة للمشروع، ومشهود لأعضاء مكاتبها بالاستقامة والنزاهة، ضد إقصائها غير المُبرر من المساهمة في نجاح برنامج أوراش.. ناهيك عن حرمان إن لم نقل منع قبول رغبات معطلين أو مواطنات ومواطنين تتوفر فيهم شروط الاستفادة من هذا الورش الملكي، تم ابعادهم وإقصاؤهم لاعتبارات جد ضيقة من أصحاب المسؤولية الإدارية ومن رؤساء او مستشارين جماعيين؟…
ويذكر أن المرحلة الثانية من برنامج أوراش على صعيد جهة فاس مكناس يستهدف من خلق ما يناهز 18.000منصب شغل مباشر وآني على مستوى الجهة، إذ استفاد في النسخة الأولى من البرنامج حوالي 13.000شخص من فرصة عمل في الجهة من بينهم حوالي 23٪ من النساء، وأكثر من 70٪ من الأشخاص الغير حاصلين على شهادات.
هذا في وقت تتوفر فيه جهة فاس مكناس على عدد مهم من الأشخاص الذين لا يحملون شواهد اوالذين عول على أن تعمل المقاولات التي لا يتجاوز رقم معاملاتها 10 مليون درهما على إدماجهم في المجال المهني، واستفادة الحاصلين على فرص الشغل من تكوين تسهر عليه الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات بالإضافة إلى العمل على استفادتهم من التكوين المهني.
فهل تُرْضي هذه السلوكات المشوهة السيد عزيز اخنوش- رئيس الحكومة بشكل عام، ويونس السكوري -وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، على وجه الخصوص، وهو الذي عند إعطائه انطلاقة المحطة الثانية لبرنامج أوراش بفاس شهر أبريل الأخير أوصى بتحقيق نتائج جيدة في النسخة الثانية وبتنويع أكبر لنوعية الأوراش المحددة بغاية الوصول إلى الشريحة المستفيدة من البرنامج تبعا للنداء الملكي الساعي في هذا الشأن؟!.
والي جهة فاس في مواجهة تجاوزات البرنامج الملكي “أوراش”
اترك تعليقا