الألباب المغربية/ سمير سوكادور
حين تتحول الجمعيات إلى واجهات انتخابية… من يخدم المواطن ؟
في عدد من الجماعات الترابية بالمغرب، بدأت تطفو إلى السطح ظاهرة خطيرة تتمثل في استعمال بعض المنتخبين لجمعيات “واجهة”، يوظفونها لتسيير مشاريع اجتماعية !!، مثل سيارات الإسعاف أو مبادرات خيرية، بينما في العمق يظلون هم المتحكمون الفعليون في مفاتيحها .
على الورق، كل شيء يبدو قانونياً: جمعية مرخصة، نظام أساسي، مكتب مسيّر، وربما حتى شراكات مع محسنين أو مؤسسات..
لكن الواقع مختلف تماماً، فالمواطن يعرف جيداً أن “سيارة الإسعاف ديال فــلان” وأن كل تحرك للجمعية مرتبط باسم المنتخب نفسه، وهنا تنكشف الحقيقــة: الجمعية مجرد قناع، والمنتخب يستغلها لبسط نفوذه السياسي والاجتماعي .
القانون التنظيمي للجماعات (113.14) واضح في منعه لكل أشكال تضارب المصالح، حيث تنص المادة 65 على أنه يمنع على أي عضو في المجلس الجماعي أن يربط مصالح خاصة أو غير مباشرة مع الجماعة التي ينتمي إليها.
لكن عندما يستغل منتخب جمعية “مستقلة” ظاهرياً ليُقدم خدمات بمقابل رمزي (حتى لو كان مجرد ثمن المازوط)، أو ليستثمرها في بناء رصيد انتخابي، فإننا أمام تحايل قانوني وضرب لمبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص .
الأخطر أن هذه الممارسات تخلق تشويشاً على صورة العمل الجمعوي الحقيقي، وتفرغ التضامن المدني من روحه، فبدل أن تكون الجمعيات فضاءات ديمقراطية يسيرها المواطنون بشكل جماعي وشفاف، تتحول إلى أدوات في يد المنتخبين يلوّحون بها لكسب الولاءات، وكأن العمل الاجتماعي صار ورقة انتخابية مقنّعة .
المطلوب اليوم هو تدخل السلطات الوصية، من عمالات ومجالس جهوية للحسابات، للتدقيق في مثل هذه الحالات، وضمان أن أي مبادرة اجتماعية تسير في إطارها القانوني الشفاف، بعيداً عن الاستغلال السياسي والانتخابي، فالمواطن الذي يحتاج سيارة إسعاف، لا يطلب “جميل” من منتخب، بل حقاً دستورياً في الصحة والولوج إلى العلاج .
إن استمرار هذه الممارسات يهدد نزاهة العملية الديمقراطية، ويجعل المواطن بين سندان الحاجة ومطرقة الاستغلال، وهنا السؤال الكبير: متى سيتوقف بعض المنتخبين عن تحويل معاناة الناس إلى سلّم انتخابي؟