الألباب المغربية/ أحمد زعيم
استبشرت ساكنة مدينة الفقيه بن صالح خيرا حينما ارتقت إلى أن تصبح عاصمة الإقليم المستحدث منذ ما يزيد عن 12 عاما، وكانت تُمنّي النفس على أنها ستخرج من حالة البؤس التي كانت عليها، وستصبح مدينة فعلية بمواصفات سائر مدن المملكة التي هي في مثل وضعيتها. كانت للناس تطلعات وآمال على أنهم، بمرور الوقت، سيفتحون أعينهم على واقع مغاير؛ واقع يشهد نهضة تنموية حقيقية، في كل أبعادها، لتنعكس ايجابيا على حياة المواطنين، سيما منهم الذين هم في وضعية الهشاشة. غير أن ما يحدث على الأرض أبعد ما يكون عن هذه التطلعات والآماني.
يكفي فقط أن نلقي نظرة على حالة العمران والتصاميم الموضوعة أو المعدلة لندرك أن التخبط، بل الفوضى هي السمة الطاغية عل حالة المدينة، اذا جاز أن نسميها مدينة. أكثر من ذاك يحق للساكنة أن تسميها قرية كبيرة. لا شيئ فيها يوحي، بأنها تمثل عاصمة الإقليم، التي من المفروض أن تشكل الوجه المشرق للمقيم والزائر، سواء في كيفية تنظيم احيائها، أوازقتها، أو شوارعها، أو مبانيها الإدارية أو سواها.
فعلى سبيل التمثيل لا الحصر، سنأخذ المدارات المتواجدة بالمدينة، بحيث سنجد أن ثلاث مدارات هي المُعتنى بها (الحراسة والبستنة، تدشين، وإعطاء انطلاقة مشروع تقوية، وتهيئة مدخل المدينة على الطريق الوطنية رقم 17، التي تربط بين بني ملال وخريبكة) مع بعض التفاوت، كالمدارة المتواجدة بمدخل المدينة على الطريق الرابطة بين الفقيه بن صالح و خريبكة، وبني ملال، وكذا تلك التي تقع أمام البريد، بالإضافة إلى المدارة ذات النافورة الموجودة بالقرب من باب الأحد، وكلها بشارع الحسن الثاني. باقي المدارات عبارة عن دوائر جرداء قاحلة لا تسر الناظرين، ولا تحمل سوى الاسم ،وهي الكثيرة ( كمدارة كريفات لقياس، الطريق التي تربط بين الفقيه بن صالح وسوق السبت، ومدارة اولاد سيدي شنان، الطريق التي تربط بين لبروج، دار ولد زيدوح والفقيه بن صالح، وغيرها).
يتساءل أحد المواطنين عن السر في العناية بهذه المدارات، خاصة في المدخل الشمالي للمدينة دون سواها، بينما باقي المدارات بالمداخل الأخرى لا تحظى بنفس الإهتمام؟! يُرجع أحدهم السبب إلى أنها تقع في الطريق الرئيسية التي يمر عبرها المسؤولون بالاقليم وخارجه، وهذا ما هو إلا تدليس، و”ذر للرماد في العيون”. فذاك ما ينطبق عليه مضمون المثل التالي المتصرف فيه:( زهرة وسنونوة لا تعلنان عن فصل الربيع).
أما الطريق المدارية( الجانبية) التي شُرع في إنجازها، واستخدامها، فهي غير مكتملة أصلا، ولازال جزء منها غير منجز، وهو الذي يتصل بالطريق المؤدية إلى بني ملال، وباقي المدن الأخرى.، حتى أنه تسبب في العديد من المشاكل للمستعملين، ظنا منهم أنهم سيختصرون الطريق والوقت، وسيتجنبون زحام و”ريتول “القرية.
وبالعودة إلى إحتلال الملك العمومي، تجب الإشارة إلى أن السلطات العمومية باشرت تحرير هذا الملك المحتل، وهي خطوة مستحسنة من قبل الساكنة. إنما لم يشمل ذلك سوى جزء قليل، إذ لا زالت أماكن أخرى مسطو عليها ومسيجة تعيق السير والجولان؛ كما الحال أمام العديد من المتاجر، والمقاهي، والمنازل.. فمتى ستكتمل المهمة؟!
لكن أيضا ينبغي التنبيه إلى أن ما قامت به السلطات العمومية الجديدة، بخصوص الباعة الجائلين، والعربات المجرورة، والمدفوعة ؛ وتعويضها بالدراجات النارية ثلاثية العجلات( تريبورتور)، إن كان ذلك في الظاهر حلا من الحلول، إلا انها خلقت مشكلة أخرى. ففي غياب البدائل الفعالة (أسواق نموذجية، وسائل نقل آمنة ..) لا يمكن أن يزيد سوى في تعاظم المشاكل والمتاعب لدى السلطات المعنية. المطلوب هو البحث عن حلول جذرية حقيقية لا الحلول الترقيعية.
إلى متى سيستمر المسؤولون، كل من موقع المسؤولية التي يتحملها، في تجاهل هذه الأوضاع المزرية والمقلقة التي ترزح تحتها الساكنة والمدينة منذ زمن طويل شارف على الثلاثين سنة من التدبير والتسيير العقيمين والخانقين؟!