الألباب المغربية/ الحسين محامد
بالرغم من أن الدستور المغربي ينص صراحة على الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، ويؤكد على ضرورة إدماجها في المنظومة التربوية والتعليمية، فإن مظاهر الإقصاء مازالت تتجلى بشكل صارخ في بعض المؤسسات الجامعية، ومن أبرزها كلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة مولاي إسماعيل بمكناس.
ففي إعلان رسمي، أعلنت إدارة الكلية عن فتح باب التسجيل في مسلك الدراسات الصينية للموسم الجامعي 2025-2026، في خطوة تعكس إرادة واضحة لإحداث مسارات جديدة. غير أن ما أثار استياء العديد من الفاعلين التربويين والحقوقيين والمهتمين بالشأن اللغوي والثقافي المغربي، هو تجاهل إدارة الكلية نفسها لمسلك اللغة الأمازيغية الذي لم يرى النور منذ سنوات، بذريعة عدم وجود أساتذة.
هذا التبرير، الذي أدلى به العميد بالنيابة، اعتبره العديد من المتتبعين ذريعة واهية تتنافى مع التزامات الدولة تجاه تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، كما ورد في الفصل الخامس من دستور 2011، وكذا في مضامين ظهير أجدير وخطب جلالة الملك التي أكدت مرارًا على ضرورة إدماج الأمازيغية في جميع مستويات التعليم.
ويؤكد عدد من الأساتذة أن مبرر غياب الأطر لا يصمد أمام الواقع، إذ توجد في المغرب كفاءات علمية وبيداغوجية متخصصة في تدريس اللغة الأمازيغية، سواء في مراكز التكوين أو الجامعات، مما يجعل قرار الإقصاء قرارًا إداريًا محضًا وليس إكراهًا موضوعيًا. كما يرون أن فتح مسلك للغة الصينية رغم أهميته الأكاديمية في مقابل تغييب اللغة الأمازيغية التي تشكل أحد المكونات الأساسية للهوية الوطنية، يعكس خللاً في ترتيب الأولويات.
وتطالب فعاليات مدنية وأكاديمية العميد بالنيابة بتصحيح هذا الوضع غير الدستوري، وفتح مسلك الدراسات الأمازيغية أسوة بالمسالك الأخرى، ضمانًا للعدالة اللغوية والثقافية، وتنزيلًا فعليًا لمضامين الدستور والالتزامات الرسمية. كما تدعو الجهات الوصية، وفي مقدمتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، إلى التدخل العاجل من أجل وضع حد لأي شكل من أشكال التهميش والإقصاء الذي يطال الأمازيغية في التعليم العالي.
إن فتح مسالك جديدة بلغات أجنبية لا يتعارض مع مبدأ التعدد اللغوي، لكنه لا يمكن أن يتم على حساب اللغة الأمازيغية، التي يجب أن تحظى بمكانتها المستحقة داخل الجامعة المغربية، ليس فقط باعتبارها لغة وهوية، بل باعتبارها حقًا دستوريًا ملزمًا.