الألباب المغربية/ الحجوي محمد
في خطوة نوعية تكرس انخراط المملكة في تعزيز الرأسمال البشري وتحسين الظروف المعيشية للسكان، وتزامناً مع الاحتفالات الوطنية بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة، شهد إقليم قلعة السراغنة حدثاً استثنائياً. حيث أشرف سمير اليزيدي، عامل الإقليم، على إعطاء الانطلاقة الرسمية لأشغال مشروع ضخم ومبتكر لتزويد الماء الصالح للشرب.
يمثل هذا المشروع الحيوي، الذي تبلغ تكلفته الإجمالية 72 مليون درهم، إحدى الدعامات الأساسية للسياسات الترابية الهادفة إلى رفع التحديات في العالم القروي. وهو يأتي ترجمة فعلية للعناية الخاصة التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، لتوفير مقومات العيش الكريم لكافة المواطنين، لاسيما في المناطق التي كانت تعاني من شح الموارد المائية.
لا يقتصر هدف هذا المشروع الطموح على توفير مياه الشرب فحسب، بل يتعداه إلى ضمان حق أساسي من حقوق الإنسان، والإسهام في تحسين المؤشرات الصحية والاجتماعية. وسيمتد نطاق تدخله ليشمل دواوير جماعتي الجوالة والجبيل، حيث سيستفيد من خدماته المباشرة ساكنة 40 دواراً، مما سينعكس إيجاباً على جودة حياتهم اليومية ويحد من معاناتهم في سبيل الحصول على هذه المادة الحيوية.
لضمان نجاعة المشروع وضمان تدفق المياه بشكل منتظم ومستدام، تم تصميمه وفق معايير تقنية عالية. وتشمل المكونات الرئيسية لهذا الصرح التنموي بناء صهريجين ضخمين لتخزين المياه، تبلغ السعة الإجمالية لكل منهما 500 متر مكعب، ليكونا بمثابة خزان استراتيجي يلبي احتياجات السكان.
كما يتضمن المشروع إنجاز محطتين متطورتين للضخ، مجهزتين بقدرة إجمالية تصل إلى 250 كيلوفولت أمبير، لضمان نقل المياه بكفاءة عالية عبر الشبكة. ولتكملة هذه الحلقة التنموية، سيتم ربط 37 خزاناً محلياً بشبكة التوزيع، وإنشاء 3 سقايات عمومية، لتكون نقاطاً لتوفير الماء بشكل يضمن الكرامة والمساواة في الوصول إلى هذه المادة الأساسية لجميع الأسر المستفيدة.
يعكس هذا المشروع الضخم الإرادة القوية للسلطات الإقليمية والمصالح المعنية للقطع مع إشكالية ندرة المياه في هذه المناطق. وهو ليس مجرد بنية تحتية، بل استثمار حقيقي في الرأسمال البشري، يفتح آفاقاً جديدة للتنمية المحلية، حيث سيساهم في تحرير طاقات السكان، لاسيما النساء والأطفال، من عناء وكلفة البحث عن الماء، مما يمكنهم من التفرغ للأنشطة الإنتاجية والتعلم.
بهذه المبادرة التنموية، يضع إقليم قلعة السراغنة لبنة جديدة في صرح التنمية المستدامة، مؤكداً على أن الاحتفال بالمناسبات الوطنية يكون بأعمال خالدة تلامس حياة المواطن وتصنع الفرق في مسار عيشه اليومي.