الألباب المغربية/ محمد أمين الربي
ينص الفصل 22 من الدستور المغربي بشكل صريح على أن السلامة الجسدية والمعنوية لكل شخص مصونة ومحمية من أي انتهاك، ولا يجوز المساس بها تحت أي ذريعة أو من أي جهة كانت، سواء عامة أو خاصة، هذا المبدأ يضع الأساس لكرامة الإنسان باعتبارها قيمة مطلقة، ويجعل من أي ممارسة قاسية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية جريمة في حق الدولة والمجتمع قبل أن تكون جريمة في حق الفرد.
وإذا كان النقاش العمومي غالبا ما ينصب على السلامة الجسدية وما يرتبط بها من عنف مادي أو تعذيب جسدي، فإن السلامة المعنوية لا تحظى بما يكفي من الاهتمام رغم أنها الوجه الخفي والأكثر تأثيرا على المدى البعيد. فالإهانة، التنمر، التشهير، السب والقذف، التمييز، العنف الرمزي واللفظي… كلها أشكال تمس بالسلامة المعنوية وتترك ندوبا نفسية لا تقل خطورة عن الجروح الجسدية.
الكرامة الإنسانية التي تحدث عنها الدستور ليست مجرد قيمة أخلاقية، بل هي حق قانوني قابل للحماية والتقاضي. ومع ذلك، ما يزال الواقع يكشف عن هشاشة آليات الحماية في وجه الاعتداءات المعنوية، خاصة في فضاءات العمل بحميع قطاعاته، المؤسسات التعليمية، وحتى في الفضاء الرقمي حيث تتحول شبكات التواصل الاجتماعي إلى ساحة مفتوحة للمساس بسلامة الأفراد المعنوية دون رادع فعلي.
إن التركيز على السلامة المعنوية في السياسات العمومية يقتضي تطوير التشريعات وتفعيل القوانين القائمة، مع ضمان مساطر عملية وسريعة للإنصاف، كما يتطلب الأمر إشاعة ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع، بحيث يدرك كل فرد أن الكلمة الجارحة، أو السلوك المهين، أو المعاملة المتعالية، هي أشكال من العنف تخرق القانون وتمس جوهر الكرامة الإنسانية.