طارق سماع – فاعل سياسي
تتساقط الأوراق تباعا في مؤخرة الحول الطبيعي، وعلى نحو ذلك تتهاوى أسطورة العديدين ممن امتطوا مقدمة القطار ليجدوا أنفسهم في مؤخرته على وشك أن يلفظهم شرج التاريخ.
إنها حتمية الزمن التي تفرض التغيير والتجديد وحتمية التاريخ الذي يستنجد بمزبلته لطمر القمامة ممن (فرعوا) رؤوسنا بشعاراتهم الأخاذة مستعرضين في ذلك لفتننا واسترضاء أصواتنا علما ليس فيه شئ من الأخلاق وحداثة ليس فيها من المعنى سوى الشعار. طبيعي إذن أن يسقط جيل من السياسيين تزعموا المشهد السياسي منذ سنة 2011 بكل حيثياتها وحمولاتها. جيل من السياسيين عقدت عليهم آمال كثيرة، وفي الأخير خيبوا ظن الشعب، بل غدروا به بعدما اغتنى الفقير منهم وزاد الغني منهم غنى، وهيكلوا لحمايتهم ولحماية مصالحهم فسادا يوازي مؤسسات الدولة ينخر فيها كالمرض العضال.
لكن كل المغاربة فطنوا لازدواجية خطاباتهم السياسية وممارستهم، وأصبح اليقين الوحيد والأوحد للشعب هو المؤسسة الملكية التي يلمس المواطن العادي إنجازاتها إن على صعيد إدارة أزمة الجائحة أو على صعيد البناء الاقتصادي أو التضامن الإجتماعي أو على الصعيد الأمني أو على الصعيد الديبلوماسي أو غيرها من الأصعدة. لقد خلص المواطن المغربي إلى أن المؤسسة الملكية تتقدم بفراسخ كثيرة جدا على النخبة السياسية بشقيها الحكومي والمعارض، رغم الإشارات والخطابات الملكية التي دعتها في شخص الأحزاب إلى تطوير نفسها وتغيير أدائها. الأحزاب السياسية مطالبة اليوم، بل ومرغمة على تجديد حظيرة نخبتها التي تجاوزها الزمن والتطورات الدولية الأخيرة وتجاوزها النضج الواضح للوعي العام في فترة الجائحة.
اليوم، المسؤولية ملقاة بشكل كبير على المواطن الذي يجب أن يشارك بشكل مكثف وواع في المحطة الإنتخابية القادمة في ظل ما ستعرفه من تعديلات تم الإقرار بها، ولكن المسؤولية هي بشكل أكبر ملقاة على الأحزاب السياسية المطالبة بأن تقدم للمواطن المرشح الأفضل والأصلح بعيدا عن معايير وسيناريوهات الأزمنة السابقة، بعبارة أخرى، الجيل الحالي من السياسيين برهن وبالواضح عن فشل ذريع وعن انتهازية خطيرة لا مجال لتفاديهما وتفادي ما قد تؤديان إليه من نفور عام عن المشاركة السياسية إلا بالتخلص منهم برميهم في سلة (طارو) القمامة وتقديم نخبة جديدة قد تبعث الأمل في نفوس المواطنين كما يفعل كل جديد.